القبح إذا صادف الحرام الواقعي.
وأجاب المحقق العراقي ( قده ) عليه بان قبح التجري مرتبته متأخرة عن مرتبة الحكم الواقعي لأن مرتبته مرتبة العصيان المتأخر عن الحكم فلا يقع بينهما المنافاة ، وكأنه طبق في المقام الجواب المذكور في مبحث كيفية الجمع بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري.
ويرد عليه : مضافا إلى بطلان هذا الوجه للجمع ودفع المنافاة هناك على ما سوف يأتي في محله ، ان صغرى التأخر في الرتبة انما هو بلحاظ تعلق القطع بالحكم الواقعي وتأخره عنه وهذا انما يكون بلحاظ الحكم المقطوع به لا الحكم الواقعي الاخر كالوجوب ومصلحته التي أوقع صاحب الفصول بينه وبين قبح التجري الكسر والانكسار.
والصحيح في الجواب ما تقدم من ان الحسن والقبح ليسا مجعولين من قبل العقلاء وبملاك حفظ المصلحة ودفع المفسدة بل هما بابان عقليان مستقلان عن المصلحة والمفسدة ، فرب ما فيه مصلحة يكون اقدام المكلف عليه قبيحا ورب ما فيه المفسدة يكون الإقدام عليه حسنا ، والبابان يختلفان موضوعا ومحمولا ، فان المصلحة والمفسدة امران واقعيان وجوديان بخلاف الحسن والقبح فانهما امران ذاتيان حقيقيان في لوح الواقع الّذي هو أوسع من لوح الوجود ، كما ان المصلحة والمفسدة لا يشترط في تحققهما وموضوعهما العلم أو الالتفات بخلاف الحسن والقبح فانهما متقومان بذلك على ما تقدم مفصلا فلا ينبغي الخلط بينهما.
نعم ربما يكون إحراز المصلحة في مورد رافعا لموضوع القبح كما في ضرب اليتيم لمصلحة تأديبه ومنه يعرف ان ما صنعه صاحب الفصول من التعامل مع المصلحة والقبح كأمرين واقعيين يقع بينهما الكسر والانكسار مع قطع النّظر عن إحراز المكلف للمصلحة غير سديد.
الثالث ـ ذكر المحقق العراقي ان ثمرة القول بقبح التجري تظهر في العبادات فيما إذا تنجز على المكلف حرمة عبادة ما ـ كصلاة الجمعة ـ بالحرمة الذاتيّة مثلا ومع ذلك جاء بها المكلف برجاء صحتها وعدم حرمتها ثم انكشف عدم حرمتها ، فبناء على قبح