نظر كل من التنزيلين إلى مدلول الاخر وتوقفه على ثبوته وهذا دور.
ولا يقال : ـ كما تصدق القضية التعليقية القائلة بان الاستطاعة إذا انضم إليها البلوغ ثبت وجوب الحج كذلك تصدق قضية انها إذا انضم إليها ما ينزل شرعا منزلة البلوغ ثبت وجوب الحج ، وهذه قضية صادقة حتى لو لم يثبت تنزيل شيء منزلة البلوغ ، فان صدق الشرطية لا تستلزم صدق الطرفين ، فإسراء هذا الحكم التعليقي في كل من الجزءين الأصليين إلى الجزءين التنزيليين لا يتوقف على ثبوت تنزيل فعلي لكي يلزم الدور وتوقف مفاد كل من التنزيل على الاخر.
فانه يقال : ـ على هذا التقدير يكون كل من التنزيلين في الجزءين مثبتا للحكم التعليقي المذكور على الجزءين التنزيليين من دون إمكان إثبات فعلية التنزيل في شيء منهما بحيث يثبت بالفعل إسراء الحكم إلى صورة اجتماع الرشد مع البذل ، لأن ذلك متوقف على ثبوت حكم لفرض اجتماع كل واحد من الجزءين الأصليين مع الجزء التنزيلي للآخر ولا مثبت لذلك بحسب الفرض غير هذا الدليل الّذي لا يفي بذلك بحسب الفرض.
والحاصل ـ ان تنزيل المؤدى منزلة الخمر الواقعي لا بد وأن ينظر فيه إلى حكم ثابت للخمر اما فعلي أو تعليقي ليسري بالتنزيل إلى المؤدى ، فلا بد وأن يكون نظر دليل التنزيل إلى حكم ثابت للخمر الواقعي يكون المقصود إسراؤه إلى المنزل عليه وإلا فالتنزيل غير معقول ، والحكم الثابت في المنزل عليه هنا إن كان هو الحكم المعلق المستفاد من الجعل الأولي للحكم على الخمر المقطوع الخمرية فهذا خلف ، لأنه معلق على انضمام الجزء الأصلي الاخر ، فلو أريد إسراؤه لما انتج المقصود ، بل هو في نفسه غير معقول في خصوص المقام لأن الجزء المعلق عليه في المقام هو القطع بالخمرية ومع حصوله لا يبقى موضوع التنزيل الظاهري في المؤدى ، وإن كان هو الحكم المعلق على القطع التنزيلي الثابت ببركة التنزيل الثاني فهذا أيضا خلف ، فان هذا معناه ان التنزيل الثاني قد ضم فيه الجزء التنزيلي الثاني ـ وهو القطع بالواقع التنزيلي ـ لا الجزء الأصلي من الاخر ـ وهو الخمر الواقعي ـ ، بل يلغو التنزيل الأول حينئذ لأن الجزء التنزيلي الثاني دائما في خصوص المقام يكون مع التنزيلي الأول لكونه في طوله ،