مستحيل ، فمثلا لو فرض إدراك العقل لحكم شرعي على أساس قانون الملازمة وان كل ما يحكم به العقل يحكم به الشرع فمع التسليم بصحة هذه الكاشفية لا يبقى مجال لدعوى الضيق في الجعل فانه خلف إدراك العقل النظريّ للملازمة أو الإدراك العملي للحكم العملي وكلاهما مستحيل. نعم لو كان حكم العقل من باب إحراز ما هو الملاك في نظر الشارع فقد يفترض الخطأ في تشخيصه لتمام ما هو الملاك بافتراض ان من جملة ما هو دخيل فيه العلم الخاصّ مثلا.
وثالثا ـ ان الدليل العقلي قد يكون برهانا على عدم الحكم لا على ثبوته ، كما لو حصل يقين بعدم الخطاب الترتبي لاستحالته مثلا ولا يعقل جعل إلزام مشروط بقطع المكلف بعدم الإلزام كما هو واضح.
ثم لو فرض تمامية الوجوه المذكورة أو بعضها ثبوتا وإثباتا مع ذلك كان لنا أن نقول : بان الصغرى محفوظة في موارد القطع بالحكم من الدليل العقلي لا ببيان الشيخ ( قده ) أو المحقق النائيني ( قده ) الّذي قد عرفت الجواب عليهما بل ببيان آخر حاصله : ان الكتاب والسنة أمرنا باتباع العقل على الأقل العقل الفطري الخالي عن الشوائب فيكون الرجوع إلى العقل رجوعا إلى ما يرضى الشارع باتباعه بحكم امره المذكور وهذا نظير ما إذا أمرنا الشارع باتباع القرعة في تعيين الحكم الشرعي فعيناه بها وعملنا به فان هذا من العمل بأمر الشارع وليس خروجا عنه (١) فلا يكون مثل هذا الحكم من غير طريق الأدلة النقليّة.
المقام الثاني ـ في دعوى قصور الدليل العقلي بلحاظ كاشفيته بمعنى انه لا يصلح لتكوين اليقين بالحكم الشرعي ، ولعل هذا هو المناسب مع ظاهر جملة من كلمات المحدثين خصوصا المحدث الأسترآبادي في فوائده المدنية.
وحاصل ما يذكر من قبلهم لتقرير ذلك انا إذا لاحظنا المدركات العقلية رأينا
__________________
(١) يمكن ان يلاحظ على ذلك أولا : باختصاص الأوامر المذكورة بأصول الدين لا الفروع.
وثانيا ـ لعل نظر المحدثين إلى أن يكون العلم بالحكم الشرعي نقليا أي حاصلا من الشارع اما بأن يحصل العلم بالحكم الواقعي منه أو يحصل العلم بالحكم الظاهري المنجز للحكم الواقعي منه كما في المثال القرعة وكلاهما مفقود في المقام فان الأمر باتباع الدليل العقلي ليس إلا امرا إرشاديا لا يتضمن جعل حكم شرعي ظاهري في مورده كما هو واضح.