الرّأي ، ولكن ذلك شريطة ان لا تكثر مسائل الخلاف بينه وبين الأعلم وأن لا يكون الفارق بينهما كبيرا وإلا فكلما كثر هذا أو ذاك كبر احتمال الخطأ في رأيه بنحو لا يمكن أن يحصل له الجزم وتتمة الكلام في ذلك موكول إلى محله.

الجهة الثانية ـ في الأقسام :

وقد جعلها الشيخ ثلاثة كما هو معروف.

وقد يستشكل فيه : بان المراد من القسم الثاني منها ـ وهو الظن ـ إن كان خصوص المعتبر منه فهو خلاف إطلاق كلمة الظن وإن أريد الأعم منه ومن غير المعتبر تداخل هذا القسم مع القسم الثالث ـ وهو الشك ـ فان الظن غير المعتبر كالشك من حيث الحكم.

وقد يجاب باختيار الشق الثاني ، ويدفع الإشكال بان الحكم الملحوظ للاقسام الثلاثة إمكان الحجية وامتناعها أو ضرورتها فالقطع يكون حجة بالضرورة والظن يمكن جعله حجة والشك يمتنع فيه ذلك فلا تداخل في الأحكام.

وفيه : إن أريد من الشك مجموع الاحتمالين فلا معنى لجعل الحجية فيه إلا انه بلا ملزم ولهذا لم يرد من الظن أيضا إلا أحد الاحتمالين وهو الراجح منهما ، وإن أريد منه أحدهما فيعقل جعل الحجية له بنكتة طريقية نوعية أو بنكتة نفسية كما هو واضح.

ولعل الأولى من ذلك أن يقال : بان الشيخ يقصد من التقسيم المذكور فهرسة مواضيع كتابه وبحوثه فلا بدّ من جعل موضوع القسم الثاني الظن لكي يبحث فيه عن اعتباره وعدمه لا الظن المعتبر بالخصوص. وإن كان هذا يخالف ظاهر عبارته في التقسيم في الأصول العلمية ، وعلى كل حال فالمناقشة لفظية.

وقد يستشكل ثانيا ـ بان تثليث الأقسام مبني على أن يكون المراد بالحكم في المقسم خصوص الواقعي مع انه لا موجب له لأن المهم جامع الحكم الأعم من الواقعي والظاهري فيكون التقسيم ثنائيا كما صنع في الكفاية.

وفيه ـ ان المهم ليس هو تحصيل جامع لتقليل الأقسام وإلا لأمكن الاستغناء عن ذلك إلى عنوان واحد وهو تشخيص الوظيفة الفعلية سواء كانت حكما شرعيا واقعيا أو ظاهريا أو حكما عقليا. وانما المقصود بيان ملاكات ومناطات كل وظيفة بإبراز موضوعاتها وملاكاتها. نعم يبقى هنا بحث في نفسه عن ان الحكم الّذي أخذ في المقسم بعد الفراغ عن

۴۵۶۱