والصحيح في المنهجة على ضوء ما تقدم منا مراجعة الوجدان العقلي العملي ليرى هل يحكم بحق الطاعة والمولوية للمولى في موارد الشك في السقوط أم لا ، وقد عرفت انه يحكم به في موارد الشك في الثبوت فكيف بموارد الشك في السقوط مع العلم بأصل ثبوت التكليف ففذلكة الموقف في الجهتين واحدة. هذا كلّه في الأمر الأول.
وامّا الأمر الثاني ـ فما ذكر أو يمكن أَنْ يذكر بشأن إثبات امتناع جعل الحجية للظن بل مطلق الحكم الظاهري صنفان من المحاذير :
١ ـ ما يرجع إلى انَّ جعل الحكم الظاهري مخالف لحكم العقل بقطع النّظر عن التشريع الإلهي.
٢ ـ ما يرجع إلى انَّ هذا الجعل مخالف مع الأحكام الشرعية الواقعية.
امّا الصنف الأول من المحذور فقد تقدمت الإشارة إليه سابقاً أيضاً من انَّ حجية غير العلم منافٍ مع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، لأنَّ غير العلم لا يخرج عن كونه غير العلم مهما جعلت له الحجية شرعاً أو عقلائياً فيكون العقاب في مورده عقوبة بلا بيان والأحكام العقلية لا تقبل التخصيص ، وقد اضطر بعضهم في مقام علاج هذه النقطة من الالتزام بأنَّ العقوبة في موارد الحكم الظاهري على مخالفة نفس الحكم الظاهري لا الواقع. وذهبت مدرسة الميرزا ( قده ) من انَّ المجعول في الحجج هو العلمية والطريقية وبذلك يكون قد تحقق البيان والعلم وقد تقدم الجواب على كلا هذين المطلبين وقلنا انَّ الصحيح في علاج هذا الإشكال أحد امرين : اما إنكار قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، أو الالتزام بأنَّ موضوع حكم العقل انما هو عدم بيان الحكم الواقعي وعدم بيان اهتمام المولى به على تقدير ثبوته ودليل الحجية كاشف عن الاهتمام المذكور فيرتفع موضوع القاعدة العقلية.
وامّا الصنف الثاني من المحذور فعبارة عن ثلاثة أمور بعضها يثبت المحذور على المستوى مدركات العقل النظريّ وبعضها يثبته على مستوى مدركات العقل العملي.
وهي على ما يلي :
١ ـ انَّ جعل الحجية للظن بل مطلق الحكم الظاهري يؤدي إلى محذور اجتماع الضدين أو المثلين قطعاً أو احتمالاً وكلها محال ، وجه الاستحالة واضح ، ووجه اللزوم