القطع الموضوعي بدعوى ان السيرة قد انعقدت على اعتبار الأمارة علما حتى بلحاظ أحكامهم العقلائية في موارد القطع فقد عرفت انه لا توجد أحكام عقلائية كذلك واضحة وشائعة ليستفاد انعقاد سيرتهم العملية على إقامة الأمارة مقام القطع فيها وترتيب آثاره عليها.
وإن أريد ان سيرتهم منعقدة على اعتبار الأمارة علما في الأحكام الشرعية التي قد أخذ في موضوعها القطع الموضوعي فهذا غير معقول في نفسه ، فان شأن كل مشرع أن يتصرف في دائرة تشريع نفسه لا أحكام غيره.
وعليه فلا يمكن أن يستفاد من أدلة الحجية في الشبهات الموضوعية أكثر من قيام الأمارة مقام القطع الطريقي فحسب.
واما موقف صاحب الكفاية ( قده ) فقد حاول في حاشيته على رسائل الشيخ الأنصاري ( قده ) أن يحل الإشكال بافتراض ان دليل تنزيل المؤدي منزلة الواقع المثبت بالمطابقة قيام الأمارة مقام القطع الطريقي يدل بالالتزام على تنزيل القطع بالواقع التنزيلي التعبدي الحاصل ببركة التنزيل الأول منزلة القطع بالواقع الحقيقي الواقع موضوعا للحكم شرعي ، وبذلك يندفع الإشكال لعدم اجتماع التنزيلين في مدلول واحد وجعل واحد كي يلزم محذور اجتماع اللحاظين المتنافيين أو نحو ذلك. اما وجه اللزوم مع وضوح عدم التلازم عقلا فيمكن أن يقرب تارة عرفيا ـ كما هو ظاهر عبارته في الحاشية ـ بدعوى ان العرف من باب عدم دقة نظره ومسامحته بعد أن يرى ان المؤدى واقع يتخيل ان القطع به قطع بالواقع أيضا. وأخرى عقليا ـ كما ذكره المحقق الأصفهاني ( قده ) ـ من باب الاقتضاء حيث ان تنزيل المؤدى في مورد يكون فيه الواقع جزء الموضوع للحكم لغو لو لا تنزيل لشيء آخر منزلة القطع بالواقع ، والعرف بحسب مناسباته وذوقه يشخص ان الأمر الآخر الدائمي الوجود والمناسب لتنزيله منزلة القطع بالواقع انما هو القطع بالواقع التنزيلي.
وقد أورد صاحب الكفاية نفسه على هذا الموقف في كفايته بما يتألف من مقدمتين :
أولاهما ـ ان التنزيلين المذكورين طوليان ، حيث انه قد أخذ في موضوع التنزيل