لقيام الأمارة مقام القطعين الطريقي والموضوعي معا بجعل واحد وصيغة واحدة ، وانما مهم الدليل على الحجية في الشبهات الحكمية تتمثل في السيرة العقلائية التي هي دليل لبي فلا بد من ملاحظة مقدار ما انعقدت عليه السيرة وهذا لا ربط له بالجعل الواحد والعبارة الواحدة ، فقد تكون هناك عبارة واحدة وافية بالمطلبين معا ، ولكن السيرة غير وافية بذلك وقد يكون بالعكس. والطريق ان المحقق النائيني ( قده ) في بحث كيفية الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية بعد أن حاول الجمع بينهما على أساس نفس نكتة جعل الطريقية والكاشفية استدل على إثبات كون المجعول في الأمارات هو الطريقية بأن مهم الدليل على حجيتها هو السيرة العقلائية وأما الأدلة اللفظية إذا تمت فهي إمضائية لا أكثر والسيرة منعقدة على جعل الأمارات علما ولا ندري كيف استكشف من السيرة ان الصياغة المجعولة لدى العقلاء هي جعل الطريقية لا الإلزام بالعمل مع ان المراد من سيرة العقلاء بنائهم بما هم موالي عرفية لهم إلزامات وتكاليف ، واما الأدلة اللفظية الآمرة بالاخذ بخبر الثقة فاستفادة جعل الطريقية والعملية منها بهذا المعنى أبعد وأوضح. فالصحيح مراجعة هذه السيرة ليرى هل انها منعقدة على اعتبار الأمارة علما في المقامين أو في خصوص موارد القطع الطريقي؟
ولسنا نواجه دليلا لفظيا لكي يقال بأنه بعد فرض ان المجعول هو الطريقية نتمسك بإطلاقه في الموردين ، وانما نواجه دليلا لبيا لا بد من البحث عن مقدار مدلوله سواء كان جعلا واحدا أو جعلين فإتعاب النّفس في تشخيص صياغة المجعول وكيفيتها لا طائل تحته.
وحينئذ نقول : انه لا يستفاد من السيرة العقلائية على حجية الأمارات أكثر من قيامها مقام القطع الطريقي في التنجيز والتعذير ، لأن العقلاء ليست لهم أحكام يؤخذ فيها القطع موضوعا بنحو شايع معروف بحيث تنعقد سيرتهم على معاملة الأمارات في موارد تلك الأحكام معاملة القطع الموضوعي ، وانما المعروف والشائع عندهم في المولويات العرفية الآداب والالتزامات القائمة فيما بين الموالي والعبيد والآباء والأبناء والتي يكون القطع فيها مجرد طريق إليها وقد انعقدت سيرتهم على الاعتماد على الطرق وبعض الأمارات الظنية بدلا عن القطع بها. فان أريد استفادة قيام الأمارات مقام