القاعدة مبني على كون مدلوله التصديقي شدة اهتمام المولى بحفظ التكاليف الواقعية الأولية في موارد الشك.
واما دليل القطع الموضوعي فلأنه بحسب الفرض دليل قد أخذ في موضوعه عنوان القطع وهو على حد أي عنوان آخر لا يشمل إلا افراده الحقيقية لا الإنشائية الادعائية ، فمجرد إنشاء العلمية عنوانا لا يشكل إطلاقا لدليل القطع الموضوعي وهذا واضح ، فإذا أريد إسراء حكم ذلك الدليل كان لا بد من أن يكون دليل جعل العلمية ناظرا إلى ذلك الدليل لتنزيل ما ليس بعلم علما في حكمه فيكون حكومة تنزيلية بحسب حقيقته لا ورودا ، وهذا ما لا يرى المحقق النائيني إمكانه بلحاظ أحكام القطع الطريقي مضافا إلى ان هذا النّظر التنزيلي يختلف سنخا بحسب مرحلة المدلول التصديقي عن جعل الطريقية وإبراز شدة الاهتمام بالواقع لترتيب المنجزية العقلية ورفع قاعدة قبح العقاب بلا بيان فلا يمكن الجمع بينهما في دليل واحد ، وهذا هو نفس إشكال صاحب الكفاية ( قده ) بتقريبه العرفي الإثباتي المتقدم وإن كان الإشكال بصياغته الثبوتية غير وارد.
بل بحسب مقام الإثبات نواجه في هذا الموقف إشكالا أشد مما سبق فانه حتى لو فرض إمكان الجمع بين المدلولين المختلفين سنخا في دليل واحد اتجه هنا إشكال إثباتي آخر من ناحية ان دليل الحجية بعد أن لم يكن بلسان التنزيل بل بلسان جعل الطريقية واعتبار ما ليس بعلم علما ـ مسلك الميرزا ـ فلا تنزيل ليتمسك بإطلاق التنزيل لجميع آثار القطع وانما لا بد وأن يستفاد ترتب آثار القطع على ما ليس بعلم حقيقة بل اعتبارا وإنشاء بقرينة عقلية كدلالة الاقتضاء لكي لا يكون الاعتبار لغوا ، فصونا لكلام المولى عن اللغوية لا بد وأن يحمل اعتبار العلمية على انه بداعي ترتيب ما للقطع من الأثر ، ومن الواضح ان دلالة الاقتضاء دلالة عقلية لا تثبت إطلاقا أو عموما إذ يكفي في دفع اللغوية ثبوت أثر في الجملة ، وفي المقام باعتبار ان ترتب آثار القطع الطريقي متيقن على أي حال بحيث لا يحتمل العكس فلا لغوية ولا مقتضي لدلالة الاقتضاء. هذا كله مضافا إلى ما أشرنا إليه في النقطة الأولى في مستهل هذا البحث من انا لا نواجه عبارة واردة في دليل لفظي ليبحث عن إمكان التمسك بإطلاقه