في كتاب الأُسس المنطقية حيث بيّنّا ان منشأ الاحتمال بحسب الحقيقة هو العلم الإجمالي ذو الأطراف المحصورة عقلاً ففي المثال المتقدّم الأمر بالنسبة إلى وجود ذات علة أُخرى غير الآسبرين يدور الأمر بين أحد احتمالات أربعة لا خامس لها عقلاً وهي كما يلي : امَّا أن تكون العلة الأُخرى موجودة في التجربتين ، أو في الأُولى دون الثانية ، أو بالعكس ، أو غير موجودة فيهما معاً ، وهذا حصر عقلي دائر بين النفي والإثبات فيكون قيمة كل احتمال منها مساوياً للربع ـ حيث انَّ رقم اليقين والعلم ينقسم على أطرافه بالتساوي ـ وهذه الاحتمالات باستثناء الأول منها تكون بصالح علية الآسبرين كما هو واضح ، وامَّا الأول فهو احتمال حيادي إذ كما انَّ ذات ما سميناه بالعلة الأُخرى موجودة في الحالتين كذلك الآسبرين موجود فيهما بناءً على هذا الاحتمال ، فكما يحتمل أن تكون العلة الأمر الآخر كذلك يحتمل أن تكون العلة هي الآسبرين وهذا يعني انَّ نصف الربع وهو الثمن فقط بصالح العلة الأُخرى و ٧ ـ ٨ بصالح علية الآسبرين هذا في التجربيتين فإذا كررنا التجربة ثلاث مرات صعد الحساب إلى ١٥ ـ ١٦ وهكذا إلى أن يتضاءل احتمال وجود علة أُخرى غير الآسبرين فيقطع بعلية الآسبرين حسب قواعد المنطق الذاتي لحصول اليقين بعد مرحلة التوالد الموضوعي على أساس حساب الاحتمالات.

ونفس الطريقة نستخدمها في الشكل الثاني أي إثبات وجود العلة وذلك فيما إذا كانت أصل علية شيء معلومة وانَّما يشك في وجود العلة خارجاً ، كما إذا رأينا مثلاً انَّ مجموعة كتب بحث الوضوء موضوعة أمام أُستاذ فاحتملنا انَّ ذلك لوجود بحث له في الوضوء الّذي لا إِشكال في كونه علة لجمع ما يرتبط بالوضوء من الكتب الفقهية واحتملنا أيضا أن يكون كلّ كتاب منها قد وجد هناك صدفة لعامل آخر من دون وجود بحث له في الوضوء ، بأن يكون أحدها قد وجد للتجليد والآخر لاستعارة صديق والثالث لأخذ ورقة منه وهكذا ، إِلاّ انَّ الاحتمالات المذكورة غير متلازمة بخلاف احتمال وضع كلّ كتاب بنكتة بحث في الوضوء للأُستاذ المذكور فبنفس الطريقة من الحساب ننتهي إلى إثبات وجود تلك العلة ونفي وجود العلل الأخرى من باب الصدفة. وقد ذكرنا في كتاب الأُسس انَّ جميع الاستدلالات التجريبيّة ترجع إلى أحد هذين

۴۵۶۱