أسرع وأشد ، ففرق مثلاً بين شهادة ألف ثقة بوقوع شيء وشهادة ألف مجهول وجداناً وهذا معناه انَّ اليقين الحاصل من القضايا المذكورة يتأثر بالقيم الاحتمالية لكل مفرد من مفرداتها لا بقاعدة عقلية قبلية موضوعها كم معين.
ثمّ انَّ القضية التجريبية المستدلّ عليها بالاستقرار تنقسم إلى أحد شكلين رئيسين :
١ ـ إثبات علّيّة الموجود.
٢ ـ إثبات وجود صغرى العلّة بعد الفراغ عن عليتها.
امَّا الشكل الأول ـ ومثاله ما ذا أردنا إثبات علية حبة الآسبرين مثلاً لرفع الصداع فعند ما نقوم بتجارب عديدة نعطي في كلّ مرة منها للمريض حبة الأسبرين فنجد انه قد شوفي من الصداع لا بدَّ وأن نعرف ان احتمال علية الآسبرين للشفاء في كلّ مرة قيمتها الاحتمالية مساوية مع القيمة الاحتمالية للعلية في مجموع المرات خلافاً لقانون الضرب لأنَّ هذه الاحتمالات وإِن كانت عديدة إِلاّ انَّها متلازمة فيما بينها ثبوتاً وعدماً ، إذ لو كانت طبيعة الآسبرين علة للشفاء من الصداع فسوف تكون العلية سارية وثابتة في تمام المرات فلا يكون احتمال المجموع أضعف من احتمال كلّ واحد منها. وإِن شئت قلت : انَّنا بإزاء قضية واحدة بعد أن كانت القضايا الانحلالية متلازمة وحينئذ لنفرض ان الاحتمال القبلي الأولي لعلية حبة الآسبرين في المرة الأولى هو النصف ـ وتحديد الاحتمالات القبلية له حسابات وقواعد شرحناها في كتاب الأُسس لا مجال للدخول فيها هنا ـ واحتمال علية غيره بأن يكون هناك أمر آخر كالنوم مثلاً أو شرب اللبن وجد صدفة فرفع الصداع أيضا نفترضه النصف الآخر من رقم اليقين الّذي ينقسم بالتساوي على المحتملات ، إِلاّ انَّ احتمال علية الآسبرين في المرة الأولى والثانية احتمالان متلازمان وامَّا احتمال علية غيره في كلّ من المرتين فليسا بمتلازمين لعدم وجود أمر مشترك معلوم غير حبة الآسبرين فيطبق عليه في مقام تقدير قيمته الاحتمالية ـ أي أن تكون العلة في كلّ مرة غير الآسبرين ـ قانون الضرب الّذي يؤدي إلى تضعيف الاحتمال وكلّما ضعف هذا الاحتمال قوى الاحتمال المقابل له وهو علّية الآسبرين. ونكتة هذا التوازن والتقابل بين الاحتمالين قد كشفنا سرّه المنطقي