فغايته التعميم في الترجيح بكلّ مزية في أحد الخبرين مفقودة في الآخر بعد الفراغ عن أصل الحجية لا إثبات حجية تأسيسية بعنوان عدم الريب النسبي ، فيكون خبر الكاذب مثلاً حجة لأنَّه لا ريب نسبي فيه بلحاظ خبر الكذاب وهذا واضح الفساد.
الوجه الثاني ـ التمسّك بالمرفوعة التي ورد فيها « خذ بما اشتهر بين أصحابك » (١) وهنا حيث انَّه لم ترد هذه الفقرة في سياق التعليل فلا يمكن استفادة العميم منها لكلّ شهرة حتى في الفتوى فلا بدَّ في مقام الاستدلال بها من تعيين انَّ المراد بالمشهور فيها الشهرة في الفتوى لا الرواية. وقد استقر بنا ذلك في بحوث التعارض على أساس قرائن من جملتها تقدّم الترجيح بالشهرة في المرفوعة على الترجيح بصفات الراوي حيث يفرض السائل بعد هذه الفقرة انَّهما معاً مشهوران وهذا لا يناسب مع كون المراد بالشهرة الشهرة الروائيّة لأنَّها توجب الوثوق بالصدور عادة ومعه لا مجال للترجيح بالصفات التي هي مرجحات سندية فيتعيّن أن يكون المراد الشهرة في الفتوى والعمل.
إِلاّ انَّ هذا الوجه غير تام أيضا وذلك.
أولا ـ ضعف سند المرفوعة بل هي من أضعف الروايات.
ثانياً ـ ضعف الدلالة حيث انَّها ظاهرة في الأخذ بالحديث المشتهر بين الأصحاب شهرة فتوائية فان ( ما ) الموصولة لا مرجع لها إِلاّ ذلك لأنَّه المذكور في كلام الراوي لا الفتوى : ولو أغمضنا عن ذلك وافترضنا إرادة الفتوى المشهورة كالرواية فسياقها سياق الترجيح في مقام التعارض لإحدى الحجتين على الآخر لا تأسيس حجية جديدة.
الوجه الثالث ـ استفادة حجيتها من دليل حجية خبر الواحد بعد افتراض انَّه يثبت حجيته من باب الطريقية لا الموضوعية وافتراض انَّ الشهرة قد تفيد الظنّ والطريقية بنحو أكمل أو مساو لما يفيد الخبر خصوصاً إذا كان مع الواسطة.
وقد علّق السيد الأستاذ على هذا الوجه بأنَّ ملاك حجية الخبر قد لا يكون مجرد افادته الظنّ ليتعدّى منه إلى الشهرة بدعوى افادتها ذلك أيضا بل غلبة مطابقة الخبر للواقع وهذا لا يحرز في الشهرة.
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة ، ج ١ ، الباب السادس ، حديث ٢.