تقدم انَّه لا يمكن التمسّك بالظهور لنفيه سواءً في ذلك المقصود بالإفهام أو غيره على ما تقدّم مفصلاً. وهكذا اتّضح عدم الفرق بين المقصود بالإفهام وغيره لتماميّة نكتة حجية الظهور في حقّهما كبرى وصغرى.
القول الثاني ـ التفصيل بين الظهور الّذي يظنّ بخلافه فلا يكون حجة وما لا يظن بخلافه فيكون حجة وقد يتشدد في ذلك فيشترط حصول الظن بالوفاق ، ومدرك هذا التفصيل كأنَّه ملاحظة موارد السيرة والعمل من قبل العقلاء بالظهورات في أوضاعهم الخارجية حيث انَّهم قد لا يعملون بها إذا ظنّ بخلافها.
إِلاّ انَّ الصحيح : انَّ الموارد المذكورة لو فرض وجودها فإنَّما تكون في مجال الأغراض الشخصية التكوينية لا مجال الأغراض التشريعية والإدانة العقلائية أعني باب الحجية والتنجيز والتعذير بين الموالي وعبيدهم ، فانَّه في هذا المجال لا يفرق العقلاء بين ما يظنّ بخلافه أو لا ، ومن هنا أفاد المحقق النائيني ( قده ) في مقام مناقشة هذا القول بأنَّه انَّما يتّجه في سيرة العقلاء بلحاظ مصالحهم الشخصيّة لا المولوية ، وهذا الالتفات منه متين إِلاّ أنَّه بحاجة إلى تكميل وتمحيص ، ذلك انَّه ربما يعترض عليه بهذا المقدار بأنَّ حجية الظهور في باب الأغراض المولوية التشريعية أيضا انَّما تكون بملاك الطريقية والكاشفية لا الموضوعية والتعبد البحت ومعه كيف ينسجم إطلاق الحجية في هذا المجال مع عدمه في مجال الأغراض الشخصية والّذي يكون الظهور طريقاً إِليها ، وهل هذا إِلاّ الالتزام بموضوعية الظهور للحجيّة؟.
والجواب ـ انَّ فذلكة الفرق المذكور راجع إلى الفرق في نكتة الكاشفية والطريقية لا أصلها ، فانَّ ملاك الكاشفية في مجال الأغراض الشخصية انَّما يكون هو الكشف الشخصي ، لأنَّ الغرض فيه شخصي ليس له طرف آخر ولا علاقة له به ومن هنا كان الظهور متأثراً بالظنّ الشخصي على خلافه سلباً أو إيجاباً. وهذا بخلاف باب الأغراض المولوية فانه غرض بين طرفين المولى والعبد وبلحاظ الإدانة والتسجيل وفي هذا المجال لا يناسب أَنْ تكون الكاشفية الشخصية عند العبد مثلاً ميزاناً بل الميزان الكاشفية النوعية المحفوظة في الظهور في نفسه باعتباره غالب المطابقة والحفظ للواقع ولإعراض المولى ، فانَّ هذا هو الميزان الموضوعي المناسب والمحدد من جهة وهو الأوفق