الواقعي ـ كما جاء ذلك في تعابير الشيخ ( قده ) صريحاً ـ وكان المراد من ذلك افتراض انَّ المصلحة السلوكية استيفاؤها مشروط ببقاء الواقع وانحفاظه بحدّه فيكون انحفاظ الوجوب التعييني لصلاة الجمعة مثلاً شرطاً في تحقيق المصلحة المطلوبة للمولى في الجامع بين الفعلين ـ بنحو شرط التحقق والترتب لا الاتصاف ـ فلو فرض انَّ المولى رفع يده عن حكمه الواقعي بحده والأمارة لم تكن في معرض أَنْ تصيب وتخطئ فلا مصلحة في سلوكها أيضاً. وترتب المصلحة على السلوك بمقدار الواقع استيفاءً أو تداركاً لا يؤدي إلى صيرورته عدلاً للواجب الواقعي لأنَّ عدلية مثل هذا العدل في طول انحفاظ ذلك الواقع فيستحيل أَنْ يكون رافعاً له إذ يلزم من وجوده عدمه. نعم هناك توسعة قهرية تكوينية في دائرة الغرض ومبادئ الحكم إِلاَّ انَّ هذه التوسعة لا تؤدي إلى توسعة الجعل الشرعي لما ذكرناه. ومن هنا أفاد الشيخ ( قده ) بأنَّ هذا من وجوه الرد على المصوبة وكان هذه المدرسة اكتفت في المقام بنفي التصويب بلحاظ الجعل فانْ كان التصويب المتفق على بطلانه شاملاً للتصويب بلحاظ مبادئ الحكم فهذا لازم لا محالة.
ثم انه لم تتضح فذلكة فرض أصحاب هذه المدرسة المصلحة في السلوك الّذي هو عنوان ثانوي لا في المؤدى والفعل كما ذهب إليه المعتزلة أو الأشاعرة فقد يقال : انَّ منظورهم في ذلك تصوير مصلحة مرنة بحيث لا تستدعي الاجزاء لو انكشف الخلاف.
إِلاَّ انَّ هذا كان يمكن تصويره حتى مع فرض المصلحة في المؤدى لأنها على كل حال منوطة ببقاء الحكم الظاهري المنوط بالشك فمع ارتفاعه ترتفع المصلحة (١).
وقد يقال : بأنَّ نظرهم إلى دفع مشكلة التضاد ضمناً بفرض مركز المصلحة ومبادئ الحكم الظاهري عنواناً ثانوياً غير مركز مبادئ الحكم الواقعي ، وهذا مطلب قد تقدم شرحه.
__________________
(١) لا يقال ـ ولكن على هذا التقدير اما يلتزم بأنَّ المؤدى يختلف مقدار اشتماله على المصلحة على حسب اختلاف مدة عدم انكشاف الخلاف فهذا يرجع بحسب روحه إلى انَّ المصلحة في السلوك ومقدار اتباع الأمارة أو يلتزم بعدم وجوب القضاء وهو خلف عدم الاجزاء فانه يقال ـ المؤدى في فرض عدم انكشاف الخلاف يزداد أيضاً حيث يكون عدم وجوب القضاء مدلولاً التزامياً حجة في حق المكلف.