واما السببية الإمامية فبافتراض مصلحة في عنوان سلوك الأمارة والجري على طبقها ما دامت أمارة وفي حدود الجري عليها فمصب المصلحة ليس هو المؤدى بل عنوان السلوك الّذي هو عنوان ثانوي ينطبق على فعل المكلف وينتزع عنه ولذلك تقدر هذه المصلحة بقدر هذا العنوان أي يتدارك بها ما يفوت من المكلف بسبب سلوك الأمارة لا أكثر من ذلك فلا يمكن أَن يتدارك بها المقدار الباقي من مصلحة الواقع بعد انكشاف الخلاف كالإعادة في الوقت والقضاء خارجه لأنَّ الفائت بالسلوك هو مصلحة الفضيلة مثلاً أو مصلحة أصل الوقت واما الزائد فيبقى على حاله فيجب تحصيله.

وقد أفاد الشيخ ( قده ) انَّ هذا الوجه يجمع بين ميزتين حل إشكال قبح التفويت حيث يضمن للمكلف تدارك الفائت منه وعدم لزوم التصويب وتواليه الفاسدة.

وقد اعترض عليه السيد الأستاذ وغيره بأنَّ التصويب لا فرق فيه بين انقلاب الواقع من الوجوب التعيني بالجمعة مثلاً إلى الوجوب التعييني بالظهر أو انقلابه من التعييني إلى التخييري فعدم انحفاظ الواقع بحده تصويب على كل حال وفي المقام مع استمرار الحجة إلى اخر الوقت يكون الحكم الواقعي الأدائي متعلقاً بالجامع بين الجمعة أو الظهر حيث صار سلوك الأمارة عدلاً للواجب الواقعي.

وكان بالإمكان الاعتراض بمورد اخر يكون فيه التصويب أشد وأوضح وذلك كما إذا فرضنا قيام أمارة على إباحة ما هو حرام واقعاً كالعصير العنبي المغلي. فانَّ فوات المفسدة الواقعية وتداركها بمصلحة سلوك الأمارة يوجب زوال الحرمة واقعاً وانقلابها إلى الإباحة وهذا أشد مراتب التصويب.

وليعلم انَّ هذا الإيراد لا فرق فيه بين افتراض المصلحة السلوكية استيفائية أو تداركية أي انها من سنخ مصلحة الواقع أو غيرها ولكنها يتدارك بها مصلحة الواقع الفائتة وانما لم يؤمر بها مع الواقع لعدم إمكان الجمع بينهما. فانه على كلا التقديرين يقال انه بعد الكسر والانكسار تكون المصلحة المطلوبة للمولى القابلة للتحصيل هو الجامع بين الأمرين كما هو واضح.

وكأن هذا الإيراد كان ملحوظاً لمدرسة نظرية المصلحة السلوكية حيث يستفاد من تضاعيف كلماتهم محاولة الإجابة عليها بافتراض الطولية بين المصلحة والحكم

۴۵۶۱