انما هو انَّ كل ما أدت إليه الأمارة فهو حكمي ونسبة هذا الجعل إلى وجوب الجمعة أو الظهر على حد واحد فكيف تكون الأمارة أمارة على وجوب الجمعة دون الظهر أو بالعكس. وإِنْ شئت قلت : انَّ مثل هذا الجعل مفرغ لا يعقل إِلاَّ مع افتراض جعول واقعية قبله لتكون الأمارة أمارة على حكم من الأحكام واما إذا كان تمام ما هو ثابت واقعاً هذا الجعل فسوف يستحيل أمارية أمارة حينئذٍ.

لا يقال : لنفرض انَّ هناك جعول عديدة بعدد ما يتحمله كل موضوع من الأحكام الشرعية فهناك جعل لوجوب الجمعة لو علم به ولوجوب الظهر لو علم به ولحرمة الفقاع لمن علم به ولإباحته لمن علم به وهكذا بناءً على ما تقدم من صحة أخذ العلم بالجعل في موضوع الحكم.

فانه يقال : انَّ لازم ذلك ثبوت الأحكام الخمسة على كل موضوع بعد ثبوت التصويب والسببية بهذا المعنى لأنه يمكن ان يعلم بتمام تلك الجعول وهو مستحيل.

اذن فهذا النحو من التصويب يتهافت مع أصل فرض الأمارية.

٢ ـ أَنْ تكون أحكام واقعية لها متعلقات معينة ثابتة واقعاً ولكن يكون قيام الأمارة عليها قيداً في ثبوتها ، وفرقه عن الأول انَّه لو لم تؤد الأمارة إلى الحكم الواقعي المقيد بالعلم به فلا حكم حينئذٍ امَّا الواقعي المجعول فلعدم حصول قيده وامَّا ما أدّاه الأمارة فلعدم جعله.

وهذا الوجه لا استحالة فيه بعد فرض معقولية أخذ العلم بالحكم بمعنى الجعل في موضوع شخصه إِلاَّ انه باطل بالضرورة للزوم خلو الواقعة في المورد المشار إليه من الحكم الواقعي رأساً.

وامّا السببية المعتزلية فيراد بها أنْ تكون الأحكام الواقعية ثابتة على موضوعاتها وملاكاتها إِلاَّ انها مقيدة بعدم وصول خلافها ، وفرق هذا عن السببية الأشعرية بالنحو الأول واضح وامّا النحو الثاني فيظهر فيما لو فرض إمكان أخذ عدم العلم بالخلاف في موضوع شخص ذلك الحكم. ولكنه باطل أيضاً للزومه خلو الواقعة عن الحكم كما تقدم وإِنْ كانت دائرة الخلو بناءً على هذه السببية أضيق منها على السببية الأشعرية.

۴۵۶۱