أو تفويت المصلحة الملزمة القبيحين عقلاً فقد تصدّى لدفعه المحقّقون فبرزت في المقام إجابتان عليه :
الإجابة الأولى ـ ما يستفاد من كلمات الشيخ الأعظم ( قده ) بالبناء على مبنى السببية بدعوى : انَّ التفويت المذكور أو الإلقاء في المفسدة متدارك ومعه لا تفويت حقيقة فلا موضوع للقبح. وحيث كان هذا الوجه مبنياً على الموضوعية فاعترف بلزوم الإشكال بناءً على الطريقية في جعل الأحكام الظاهرية.
الإجابة الثانية ـ الالتزام بوقوع التفويت كما هو بناءً على الطريقية إلا انه لا قبح فيه إذا كانت هناك مصلحة تقتضي التعبّد بذلك الحكم الظاهري أي إذا كانت هناك مصلحة في نفس الجعل نظير التفويت الثابت في موارد التقيّة وإِنْ كان فعل المكلّف فارغاً من المصلحة.
والفرق بين الإجابتين ، انَّ الأولى ترفع موضوع القبح العقلي وهو التفويت وذلك بجعل المصلحة المتدارك بها مصلحة الواقع في الفعل ولو بعنوانه الثانوي بينما الثانية تعترف بأصل التفويت ولكنها ترى عدم قبح فيه إذا كانت المصلحة في نفس جعله ، ومن هنا كانت الإجابة الأولى معرضة للاستشكال عليها بلزوم التصويب وانقلاب الوظيفة الواقعية من الفعل الواقعي إلى ما تعلق به الحكم الظاهري من فعل المكلف وهذا بخلاف الإجابة الثانية حيث يبقى فعل المكلف في موارد خطا الحكم الظاهري خالياً عن المصلحة فلا انقلاب في متعلق الحكم الواقعي ومصلحته.
وتعليقنا على الإجابة الأولى ـ انَّ المحصل من مجموع كلمات القوم في المقام تقسيم السببية إلى أشعرية ومعتزلية وإمامية وقد ربطوا الإجابة بالسببية الإمامية.
وتوضيح ذلك : انَّ السببية الأشعرية يراد بها أَنْ يكون قيام الأمارة على الحكم موجباً لثبوت ذلك الحكم نفياً وإثباتاً وهذا يكون له أحد نحوين :
١ ـ أَنْ لا يكون هناك حكم واقعي بقطع النّظر عن الأمارة بل المجعول انَّ كل ما أدت إليه الأمارة فهو حكم الله ، وهذا باطل لكونه غير معقول إذ لا يعقل حينئذٍ فرض الأمارية والكاشفية عن الحكم ولا يجدي في دفع الاستحالة معقولية أخذ العلم بالحكم إذا أُريد به الجعل في موضوع مجعوله لأنَّ تمام الجعل الواقعي بحسب الفرض