١ ـ أن يفرض مجموع المسائل وعمليات الاستدلال المستنبطة في كل منها كثيرة بحيث لا تشكل موارد الاختلاف بينهما إلا جزء ضئيلا بحيث يكون احتمال وقوع خطئه فيها نتيجة عدم انتباهه ضعيفا بدرجة يكون الاطمئنان على خلافه فمثلا لو فرضنا مجموع المسائل الشرعية (٩) وفرضنا ان كل مسألة تحتوي على خمسة أدلة وعمليات استدلال فكان مجموع عمليات الاستدلال الفقهية (٤٥) عملية وافترضنا اختلافهما في ثلاث مسائل من التسع وكانت نسبة الأعلمية ١ ـ ٣ أي في كل ثلاث عمليات استدلال يتنبه الأعلم إلى نكتة لا يتنبه إليها غيره. فسوف يكون نسبة امتيازات الأفضل في مجموع الاستدلالات الفقهية المفترضة ١٥ ـ ٤٥ أي انه قد فاتته (١٥) انتباهة في مجموع الفقه ، ولكن بما ان كل مسألة تحتوي على خمس عمليات استدلال فاحتمال وجود غفلة وعدم انتباه من قبل المفضول في كل واحدة منها ١ ـ ٣ في نفسه ولكن بلحاظ جميع العمليات الخمس في كل مسألة تكون قيمة احتمال ( ١ ـ ٣ ) ٥ أي ١ ـ ٢٤٣ وهو احتمال ضعيف جدا يقابله الاطمئنان (١).
٢ ـ ومما يضعف هذا الاحتمال أكثر ما إذا فرضنا ان المجتهد المفضول في موارد الاختلاف مع الأعلم كان منتبها إلى نظر الأعلم ومع ذلك خالفه لأنه بذل مزيد جهد كثير حتى استقر رأيه على الخلاف ، خصوصا إذا كان قد التفت إلى ما هو المبرز والمبين من الدليل الّذي أقامه الأعلم وهو يراه مدخولا فيه ، أو كان نظره هو الموافق مع المشهور.
٣ ـ ان جملة من الخلافات ترجع إلى نكات ذاتية غير قابلة للحل بالبحث ، كما إذا كان من باب القطع الوجداني الحاصل من مزاج في فهم الأدلة والتعدي من مدلولها أو الجمود عليها ، أو كان من باب الخلاف في استظهارات عرفية قد لا يمكن تخريج نكات موضوعية لها كما نصنع ذلك في أكثر الاستظهارات ، أو يرجع الخلاف إلى الخلاف في فهم الذوق العقلائي وارتكازاتهم في باب العقود والمعاملات.
ففي ضمن مجموع هذه الأمور يمكن أن يفرض حصول الجزم واليقين للمفضول بما هو وظيفته المقررة شرعا أو عقلا في مسألة معينة رغم اعترافه بأعلمية المجتهد الّذي خالفه في
__________________
(١) ولكن الاطمئنانات الحاصلة من كثرة أطراف المعلوم بالإجمال ليست بحجة ولهذا يجب الاجتناب عن قطيع شياة يبلغ عددها ألف ويعلم بغصب واحد منها مع ان كل واحد منها لو يلحظ يكون احتمال كونه هو المغصوب ١ ـ ٩٩٩.