بلغت ستّ سنين.

ثم إنّ ظاهرها وإن كان حرمة ذلك ، إلّا أنّ الذي يستفاد من عدم تعرّض الفقهاء له في كلماتهم ، وعدم وروده في غير هذه الرواية مع كثرة الابتلاء به ، أنّ الحكم ليس بالزامي ، فلا بدّ من حملها على الكراهة وبيان الحكم الأخلاقي.

ومما يؤيد ذلك أنّ الحكم بالحرمة لو كان ثابتاً لكان من أوضح الواضحات لكثرة الابتلاء به كما عرفت ، فكيف والسيرة قائمة على الجواز! ثم لا يخفى أنّه لا مجال للاستدلال على المدعى بمرفوعة زكريا المؤمن ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا بلغت الجارية ستّ سنين فلا يقبّلها الغلام ، والغلام لا يقبّل المرأة إذا جاز سبع سنين» (١).

فإنّها ضعيفة السند باعتبار كونها مرفوعة ، فإنّ زكريا المؤمن وإن كان من أصحاب الصادق عليه‌السلام وقد ذكر النجاشي أنّه يروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام وعن أبي الحسن عليه‌السلام (٢) إلّا أنّه لم يوجد له في مجموع الكتب الأربعة ولا رواية واحدة عن الصادق عليه‌السلام ، فإنّ هذه الجهة هي التي تمنعنا عن القول بأنّ الرواية ليست بمرفوعة ، وإلّا فليس هناك أي مانع غيرها ، فإنّ الرجل من أصحاب الصادق عليه‌السلام فلا محذور في أن يروي عنه مباشرة.

على أنّها قاصرة دلالة ، لأنّ موردها الغلام وهو يطلق على غير البالغ ، فهي أجنبية عما نحن فيه ، أعني تقبيل البالغ للصبية.

وما ذكرناه في هذه الرواية يجري في جميع أخبار هذا الباب ، فإنّها جميعاً لا تخلو من ضعف سندي ، أو قصور دلالي على سبيل منع الخلو ، فراجع وتأمّل.

وعلى هذا فيتحصل مما تقدم أنّه ليس في المقام ولا رواية واحدة صحيحة السند وتامّة الدلالة ، يمكن الاعتماد عليها لإثبات الحكم. وعليه فمقتضى أصالة البراءة هو الجواز ما لم يكن ذلك عن شهوة وتلذّذ.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٢٧ ح ٤.

(٢) رجال النجاشي ، ١٧٢ ترجمة برقم ٤٥٣.

۳۸۸