الثاني : أن يراد بها مطلق النساء ، ونسب ذلك إلى الجواهر (١) ، وعليه فيتعيّن أن يراد ب ﴿ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ العبيد خاصة.

وفيه :

أوّلاً : إنّ الظاهر من الإضافة هو الاختصاص وإرادة طائفة خاصة بالنسبة إلى المرأة ، فحملها على طبيعي النساء بعيد جدّاً.

وثانياً : إنّ حمل ﴿ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ على العبيد لا مبرر له ، إذ لا وجه للتخصيص من دون قرينة عليه ، على أنّه مخالف لسياق الآية الكريمة حيث قد عرفت أنّ الحكم في النساء طبيعي لا انحلالي ، وهو مما لا يمكن الالتزام به في العبيد. فإنه بناءً على القول بجواز كشف المرأة وجهها للعبد ، فإنما يقال بذلك بالنسبة إلى خصوص عبدها لا مطلقاً. وهذا يعني أنّ الحكم في ﴿ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ انحلالي ، فيكون مخالفاً للسياق لا محالة.

الثالث : أن يراد بها المؤمنات خاصة ، وذهب إليه في الحدائق (٢) تبعاً لابن حمزة (٣).

وفيه : أنّه لا قرينة على ذلك بالمرة ، على أن لازمه الالتزام بعدم جواز إبداء المرأة المسلمة زينتها لطبيعي المرأة الكافرة حتى ولو لم تكن متزوجة ، وهو خلاف ضرورة المسلمين جزماً. فإنّ مثل هذا الحكم لو كان ثابتاً لكان من أوضح الواضحات ، ومما لا خلاف فيه أصلاً ، نظراً إلى كثرة ابتلائهن بهن ، إذ أن نساء أهل الكتاب كن يخدمن في كثير من بيوت المسلمين بما في ذلك بيوت الأئمة عليهم‌السلام ، فكيف ولم يقل به فيما نعلم أحد من الفقهاء؟! أضف إلى ذلك كلّه أنّه بناءً على هذا الوجه فما يكون المراد بقوله تعالى : ﴿أَوْ

__________________

(١) الجواهر ٢٩ : ٧٢.

(٢) الحدائق ٢٣ : ٦٢.

(٣) لم نعثر عليه في كتاب الوسيلة ، ويحتمل أن يكون قوله هذا في كتابه الواسطة أو الرائع في الشرائع ذكرهما الطهراني في الذريعة ، فلاحظ.

۳۸۸