القطع الموضوعي دل ذلك بالالتزام على قيامه مقام القطع الطريقي. وذلك لأن القطع قد أخذ عدمه في موضوع دليل البراءة الشرعية فلو حكم الشارع في مورد بقيام الأمارة منزلة القطع كان بإطلاقه رافعا لموضوع ( رفع ما لا يعلمون ) وهذا وإن كان مدلوله المطابقي مجرد ارتفاع الحكم الشرعي بالبراءة ولكن يمكن أن يدعى ان المستفاد منها عرفا ولو بالالتزام جعل إيجاب الاحتياط في مورد تلك الأمارة الّذي هو معنى حجيتها. ولكن يرد على هذه الاستفادة بعض ما قلناه على استفادة الحاشية.
وبهذا انتهينا من الكلمات الثلاث. وقد تلخص من مجموع ما تقدم عدم إمكان استفادة قيام الأمارات مقام القطع الموضوعي من نفس دليل الحجية. نعم أشرنا في مستهل البحث إلى ان دليل القطع الموضوعي لو أخذ القطع في موضوعه بما هو حجة لا بما هو قطع قامت الأمارة مقامه بنفس دليل الحجية للورود لا الحكومة ، ولهذا لا يحتاج إلى إثبات نظر في الدليل الدال على الحجية إلى دليل القطع الموضوعي فيصح التمسك حتى بالسيرة العقلائية على ذلك ، ولكن الصحيح مع ذلك التفصيل بين ما إذا كان المؤدى موضوعا مستقلا لحكم شرعي وما إذا لم يكن كذلك سواء كان القطع تمام الموضوع أو جزء منه فانه في الفرض الثاني لا تكون الأمارة حجة ليتحقق الورود إذ لا أثر لمؤداها لتكون حجة في إثباته (١).
__________________
(١) الدليل الّذي أخذ فيه القطع بما هو حجة في موضوع حكم شرعي بحسب المناسبات العرفية قد يكون ظاهرا في أخذ ما يكون حجة شأنا أي بنحو القضية التعليقية القائلة بأنه لو كان لمؤداه أثر كان مترتبا به وهذا ثابت في الصور الثلاث.
ولو تنزلنا فلا وجه لاشتراط الحجية بلحاظ حكم آخر يكون المؤدى تمام الموضوع فيه بل إذا كان مؤدى الأمارة جزء الموضوع للحكم فسوف تكون الأمارة حجة بالفعل في إثبات الحكم الشرعي المترتب على القطع من ناحية هذا الجزء للموضوع وهذا المقدار كان في قيامها مقام القطع بما هو حجة لأنها حجية فعلية في حال قيامها قيام القطع ولا يشترط الحجية الفعلية بقطع النّظر عن قيامها مقام القطع ، بل لو أريد الحجية الفعلية بقطع النّظر عن الجزء الآخر بلحاظ نفي الحكم الّذي أخذ في موضوعه القطع بما هو حجة فهذا لا يعقل الا في القطع فيكون معناه اعتبار خصوص القطع لا مطلق الحجة وهو خلف استفادة عدم الاختصاص بالقطع وان أريد الحجية الفعلية بلحاظ حكم آخر مترتب على المؤدى فمن الواضح ان مثل هذه الخصوصية لا دخل لها في تنجيز الحكم المترتب على نفس القطع بما هو حجة فالمتعين بعد فرض استفادة ان القطع بما هو حجة موضوع للحكم إرادة الحجية بمقدار إحراز الجزء الآخر للموضوع أو كانت قائمة مقام القطع لا بقطع النّظر عنه وهذا ثابت فيما إذا كان الواقع جزء الموضوع.