بما هو كاشف ولا يمكن أخذه بما هو صفة وبقطع النّظر عن حيثية الكشف لأن الكاشفية ذاتية للقطع بل ليس القطع شيئا زائدا على الكشف ليعقل أخذه بما هو صفة وبقطع النّظر عن كاشفيته ، اذن فليس القطع الموضوعي مأخوذا إلا بنحو الكاشفية غاية الأمر تارة يكون بنحو تمام الموضوع وأخرى بنحو جزء الموضوع والواقع جزؤه الاخر.

وكأن المحقق الخراسانيّ ( قده ) أراد الإجابة على هذا الإشكال بعبارة في الكفاية يحتمل فيها أحد وجهين كلاهما غير تام :

الأول ـ ان العلم كما اشتهر بين الحكماء نور في نفسه ونور لغيره فله جنبتان نورية ، فقد تلحظ نوريته لنفسه فيكون صفتيا ، وقد يلحظ نوريته لغيره فيكون بنحو الكاشفية.

وفيه ـ ان المقصود ان العلم نفسه النور والظهور فكل شيء يوجد ويظهر في النّفس بالعلم واما العلم فظهوره بنفسه ، وحينئذ إن أريد من أخذ العلم بنحو الصفتية أخذه بما هو حالة حاضرة في النّفس ومع قطع النّظر عن نوريته فما أكثر الأمور غيره من حالات النّفس أيضا كالحب والبغض فيكون الموضوع مطلق ما يحضر في النّفس من المجردات وهو خلاف المفروض ، وإن أريد خصوصية النورية فهي عين الكاشفية.

الثاني ـ ان العلم من الصفات الحقيقية ـ أي المتأصلة لا الاعتبارية ـ ذات الإضافة ـ أي ليست كالإعراض تحتاج إلى موضوع فقط بل تحتاج إلى ما تضاف إليه وتتعلق به أيضا ـ فان أخذ العلم موضوعا للحكم بقطع النّظر عن إضافته إلى متعلقه كان صفتيا ، وإن أخذ بما هو مضاف إلى متعلقه كان على نحو الكاشفية.

وفيه ـ ان أريد إضافة العلم إلى المعلوم بالذات فإضافته إليه إضافة إشراقية ـ بحسب مصطلح الحكماء لا مقولية أي لا تعدد بينهما ولا تغاير إلا بالاعتبار والتحليل ـ فهي عين العلم وليس شيئا اخر زائدا عليه ، وإن أريد إضافته إلى المعلوم بالعرض خارجا فهما وإن كانا شيئين ووجودين ولكنه ليست هذه الإضافة من مقومات العلم ولا لازما فيه بدليل انه قد لا يكون مصادفا للواقع أصلا ، بل في فرض المصادفة أيضا ليست الإضافة حقيقية بل مجازية ، وبالعرض. وسوف يأتي مزيد تعليق على إرادة هذه الإضافة.

۴۵۶۱