مثلا فلا يكون شربه للخمر اختياريا لأنه لم يكن يقصده وانما قصد التبريد.
وأجاب : بأنه باعتبار توقف التبريد على شرب الخمر فسوف تترشح إرادة غيرية نحوه أيضا فيكون اختياريا.
ولكن هذا الجواب واضح القصور ، إذ يمكن للناقض تبديل نقضه بما إذا كان فعل الحرام معلولا أو ملازما للمراد لا علة له ليقال بترشح إرادة غيرية عليه كما إذا كان غرضه إيصال الكهرباء للتجربة وهو يعلم انه يؤدي بالنتيجة إلى هلاك مؤمن.
النقض الثاني ـ لو تعلقت إرادته بالجامع بين الحرام وغيره كما لو توقف علاج مرضه على شرب المائع فطبقه على الخمر لا يكون صدور الحرام منه اختياريا.
وأجاب عنه على ضوء مسالكه الفلسفية من انه إذا تعلقت الإرادة بالجامع فتطبيقه على فرد لا يكون إلا لمرجح فيه وإلا لزم الترجيح بلا مرجح فتكون الخصوصية المرجحة مرادة لا محالة.
وفيه ـ انه قد يفرض اختيار الخمر لأن المائع منحصر فيه لا ان فيه مرجح ، وقد يفرض ان المرجح موجود ولكنه ليس هو خصوصية الخمرية بل خصوصية أخرى ملازمة.
والتحقيق : ان المحقق الخراسانيّ تارة يدعي ان إرادة أحد المتلازمين لا تسري إلى ملازماته ، وأخرى يفترض انه من القائلين بالسراية قياسا للإرادة التكوينية على التشريعية التي ادعى فيها ذلك.
فعلى الأول ترد النقوض المذكورة ولا مخلص عنها إلا برفع اليد عن مبانيه الفلسفية في باب الاختيار فان الاختيار ليس بمعنى تعلق الإرادة والشوق بل بمعنى كون الفعل صادرا عن سلطنة الفاعل بحيث كان له أن يتركه وهذا يكفي فيه مجرد الالتفات إلى العنوان وصدوره منه في حالة كان له أن يمتنع عنه على ما تقدم شرحه مفصلا في موضعه من بحوث الطلب والإرادة.
وعلى الثاني ، فالنقوض كلها مدفوعة لأنه في تمام تلك الموارد يكون الحرام متعلقا للإرادة بالاستلزام ولو لأجل انحصار المراد به ، وهذا غير جار في المقام أعني التجري لأن شرب مقطوع الخمرية لا يلازم شرب الخمر بل مباين معه بدليل انه شرب مقطوع