نكتتين إحداهما يحتاجها مسلك الكشف والأُخرى يحتاجها مسلك الحكومة التي يدّعيها صاحب الكفاية ( قده ).
امَّا الأولى ـ فهي ما تقدّم من دعوى الإجماع على عدم مرجعية الاحتياط في الشريعة بالنحو المتقدّم شرحه.
وامَّا الثانية ـ فدعوى بيانية الظنّ للانسدادي ومنجزيته له كالعلم للانفتاحي.
فانْ لم يتم شيء من النكتتين فلا يتمّ مسلك الكشف ولا الحكومة كما هو واضح.
بل يتعيّن حينئذ مسلك التبعيض في الاحتياط ويتمّ هذا المسلك بتسليم أُمور هي :
أولا ـ انسداد باب العلم والعلمي وإِلاّ لم يكن موجب للاحتياط.
ثانياً ـ وجود مقتضٍ لتنجيز التكاليف الواقعية من علم إجمالي أو ما يشبهه ممّا يقتضي الاحتياط في كلّ شبهة شبهة.
ثالثاً ـ أَنْ لا ينحل مقتضي التنجيز بحجة مجعولة ولو في طول الانسداد كحجية فتوى الانفتاحي في حقّ الانسدادي وإِلاّ جرت البراءة في غير موردها.
رابعاً ـ أَنْ يكون هناك مسوغ لرفع اليد عن الاحتياط التام في الجملة.
خامساً ـ أَنْ يتعيّن بالبرهان المتقدّم في شرح المقدمة الخامسة لزوم صرف الاحتياط إلى دائرة المظنونات.
وامَّا لو تمّت النكتة الثانية دون الأولى فسوف يتمّ مسلك الحكومة عقلاً دون الكشف وهو يتوقّف أولا ـ على انسداد باب العلم والعلمي لأنَّه موضوع حجية الظنّ وبيانيته.
وثانياً ـ عدم جريان أصول مؤمنة شرعية في المظنونات وإِلاّ ارتفع حكم العقل بمنجزية الظنّ وبيانيته لأنَّه تعليقي وهذا فرع وجود علم إجمالي أو نحوه ممّا يقتضي تساقط الأصول الشرعية المؤمنة في الأطراف.
وثالثاً ـ أَنْ لا يكون هناك قاعدة وحجة شرعية منجزة مجعولة ولو للانسدادي خاصة كالتقليد مثلاً وإِلاّ فلا يحكم العقل بمنجزية الظنّ.
فإذا تمّت هذه الأُمور الثلاثة حكم العقل بمنجزية الظنّ وجرت البراءة العقلية في غير دائرة المظنونات ، وهل يثبت حجية مطلق الظنّ أو المرتبة القوية منه هذا مبنيٌ