والوجهين الأولين فتشبع حاجتهما بترك الاقتحام في كلّ الشبهات وإجراء البراءة ـ على الأقل العقلية ـ في سائر الشبهات (١).

نعم لو قلنا بأنَّ العقل يستقل بحجية الظنّ بمجرد سقوط البراءة التعيينية في المظنونات بلا حاجة إلى المقدمة الخامسة المتكلّفة لترجيح الامتثال الظنّي على الوهمي فسوف ينحل العلم الإجمالي وتجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان في الموهومات والمشكوكات.

وثانياً ـ انَّ ما أفاده من استحالة تنجز الشبهة المتنجزة بالعلم الإجمالي بالظنّ ثانية جوابه : انَّ العلم الإجمالي انَّما ينجز حرمة المخالفة القطعية ولا ينجز الأطراف ابتداءً ، وبهذا تسقط الأصول الشرعية المؤمنة في الأطراف فيبقى الاحتمال في كلّ طرف بلا مؤمن شرعي أو عقلي فيكون منجزاً لا محالة ، ومن الواضح انَّ الظنَّ أيضا يمكن أَنْ يكون منجزاً امَّا شرعاً بناءً على الكشف أو عقلاً بناءً على الحكومة من دون أَنْ تكون هذه المنجزية في طول منجزية الاحتمال ليكون من تنجز المتنجز ، غاية الأمر انَّ منجزية الظنّ على الحكومة مبنيٌ على سقوط البراءة الشرعية فقط دون العقلية لكونها بحسب الفرض تخصيص فيها بينما منجزيته على الكشف فرع سقوط البراءتين معاً لكفاية جريان البراءة العقلية في عدم إمكان استكشاف الحجية الشرعية. وعلى كلّ حال فليست حجية الظنّ ومنجزيته في طول منجزية الاحتمال هذا كلّه بناءً على مسلك الاقتضاء ، وأمَّا على مسلك علّية العلم الإجمالي فالتكليف وإِنْ كان قد تنجز بنفس العلم الإجمالي فيتراءى تمامية مدعى المحقق العراقي ( قده ) إِلاّ أنَّه مع ذلك يمكن أَنْ يقال بأنَّ حجية الظنّ كشفاً أو حكومة في عرض منجزية العلم الإجمالي ، لأنَّها وإِنْ كانت في طول العلم الإجمالي ومنجزيته إِلاّ انَّها في طول منجزيته للجامع أي لحرمة المخالفة القطعية وليست في طول منجزيته لوجوب الموافقة أي ليست في طول منجزيته

__________________

(١) قد يقال : انَّ الوجهين الأولين مقتضاهما أكثر من ذلك ، لأنَّنا نعلم بالضرورة عدم جواز اختيار بعض الأطراف جزافاً واشتهاءً واقتحام الباقي بنحو يوكل أمر ذلك إلى كلّ مكلّف ، بل يعلم بوجود طريقة مقبولة شرعاً ولو بالإمضاء في أخذ الشريعة وتشخيصها والتي تعين بالكشف أو الحكومة في الظنّ فيتنجز الظنّ وبذلك ينحل العلم الإجمالي.

فانَّه يقال : بأنَّ هذه عناية زائدة إذا ثبتت بأحد الوجهين تمّ ما ذكر إِلاّ انَّ الشأن في ثبوتها.

۴۵۶۱