وقد استشكلت مدرسة المحقق النائيني ( قده ) على هذا التفسير بأنَّه امَّا أَن تكون هذه الحجية المدعى ثبوتها للظنّ بحكم العقل مجعولة أو منجعلة ، فان فرض انَّها مجعولة فهذا معناه انَّ العقل يجعل الحجية للظنّ مع انَّ العقل شأنه الإدراك لا الجعل والتشريع ، وإِنْ فرض انَّها منجعلة فهذا معناه انَّها من لوازم الظنّ وذاتيّاته لأنَّ ما لا يكون من لوازم موضوع ذاتاً لا يكون منجعلاً بجعله ، مع انَّه قد تقدّم في مستهلّ البحث عن الحجج والأمارات انَّ الحجية ليست ذاتية لغير العلم بل لو لم يحكم الشارع بحجية ظنّ ومنجزيته لحكم العقل في مورده بقبح العقاب بلا بيان.

ويمكن أَن يجاب على هذا الإشكال من زاوية فكر صاحب الكفاية ( قده ) ، بأنَّ حجية الظنّ على الحكومة منجعلة له عند الانسداد كالحجية للقطع غاية الأمر انَّها ليست من لوازم ماهية الظنّ مطلقاً بل نظير لوازم الوجود التي ترتبها على اللزوم موقوف على تحقق شرط كالإحراق المترتب على النار بشرط الجفاف مثلاً أو الملاقاة ، وفي المقام الظنّ بشرط انسداد باب العلم والعلمي يحكم العقل بحجيته وتكون روح المطلب حينئذ دعوى انَّ العقل يدرك انَّ الظنّ في حال الانسداد كافٍ للبيانية وارتفاع موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان المزعومة لأنَّه كالقطع في حال الانفتاح من حيث انَّه أقصى ما يمكن تحصيله من التصديق والكشف عن التكليف الواقعي سواءً سمّيناه بالبيان والحجة لغة أم لا لأنَّ حقّ الطاعة للمولى ثابت فيه عند الانسداد على الأقل.

هذا إذا لم نتمسك بحرفية القاعدة ، وامَّا إذا تمسّكنا بها فيستحكم الإشكال لأنَّه حتى إذا تمّت مقدمات الانسداد فلا ينتج حجية الظنّ بحكم العقل لأنَّ الظنّ بقطع النّظر عن منجزية العلم الإجمالي ليس ببيان لكي يكون منجزاً ورافعاً للقاعدة وفرض حجية له حاكمة على القاعدة خلف كون العقل مدركاً لا جاعلاً ومشرعاً. نعم العلم الإجمالي منجز وبيان وهو يقتضي الاحتياط التام لو لا الدليل على عدم لزومه ، فتكون النتيجة هو التبعيض في الاحتياط وهو غير حجية الظنّ بحكم العقل.

وقد حاول الميرزا ( قده ) العثور على وجه معقول لحجية الظنّ على الحكومة لا يرجع إلى التبعيض في الاحتياط وبنفس الوقت لا يرجع إلى ما ذكره صاحب الكفاية المستلزم لثلم قاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ ومنه سوف يظهر انَّ ما جاء في الدراسات

۴۵۶۱