بلحاظ مادتي الافتراق أي الروايات التي لا شهرة على طبقها والشهرات التي لا رواية على طبقها ، ومن الواضح انَّ القيمة الاحتمالية عادة للشهرات التي لا رواية على طبقها أكثر بكثير من القيمة الاحتمالية للروايات التي لا شهرة على طبقها لقوة كاشفية الشهرة غير المدركية والتي لا رواية على طبقها وقوة احتمال وجود روايات ضاعت علينا بل القطع بذلك وانَّ الروايات الموجودة بأيدينا قد وصلت إلينا عن طريق المشهور الّذي لم يعمل بها أو لم يعمل كلّهم بها ممّا يكشف عن وهن فيها على كلّ حال ومعه كيف يصحّ فرض انَّ ضم مادة الافتراق من الروايات إلى مادة الاجتماع يزيد في مقدار المعلوم دون ضم مادة الافتراق من الشهرات التي هي أقوى كاشفية وقد قلنا انَّ ميزان هذه الكاشفية هو حساب القيم الاحتمالية فكلّما ازدادت ازداد المعلوم لا محالة.

وثالثاً ـ ربّما يفرض انَّنا لو أخذنا مقداراً من مادة الافتراق للروايات ـ ولنفرضه المقدار الأقوى كاشفية ـ مع مقدار من مادة الافتراق من الشهرات أو جميعها وضممناها إلى مادة الاجتماع أيضا حصل لنا العلم الإجمالي في دائرة الروايات حيث يعوض عن كاشفية الروايات المتروكة من مادة الاجتماع بالشهرات المضافة من مادة الافتراق فيصعد بمقتضى حساب الاحتمالات مقدار المعلوم بالإجمال ضمن هذه الدائرة عن المعلوم بالإجمال ضمن دائرة مادة الاجتماع فقط كما كان يصعد عند ما نضم إليها مادة الافتراق من الروايات. وحينئذ سوف تكون هذه الدائرة هي دائرة علمنا الإجمالي الصغير الّذي يكون في عرض العلم الإجمالي الصغير في دائرة الروايات فقط ويكون بينهما عموم من وجه فلا وجه لانحلال العلم الوسط بأحدهما دون الآخر (١).

ورابعاً ـ لو سلّمنا كلّ ذلك فغايته انَّ العلم الإجمالي الوسط ينحل بالعلم الإجمالي الرواياتي ولا ينحل بالعلم الإجمالي الشهراتي ولكن مع ذلك يبقى العلم الإجمالي

__________________

(١) هذه الأجوبة الثلاثة كلّها وجدانية ، فيمكن لأحد أَنْ ينكرها ويدّعي انَّ المعلوم بالإجمال في دائرة الروايات مطلقاً أو ما يكون عن ثقة فقط أكثر من المعلوم بالإجمال لأيّ دائرة أُخرى من الدوائر التلفيقية المتصورة بين الأمارات الظنيّة الأُخرى وبين الروايات ، لأنَّ هناك عاملين مهمّين جداً في تصعيد مقدار المعلوم بالإجمال أحدهما كثرة وقائع الأمارة وأهميتها والثانية قيمتها الاحتمالية التي من أهم مناشئها كون الأمارة حسية ومن ثقة وكلا هذين العاملين متوافران بصورة جيدة في الروايات دون غيرها من الروايات.

۴۵۶۱