البيان من ناحيته بلا إشكال.

الثاني ـ ما أشار إليه الشيخ من انَّ وجوب الحذر مرتب على الإنذار المأمور به والإنذار المأمور به هو الإنذار بما هو من الدين وحكم الله الواقعي ، إذ لا يعقل أَنْ يأمر بالإنذار بما ليس منه ، كما انَّ ظاهر الآية أيضا انَّ متعلّق الإنذار نفس ما تفقّه فيه المنذر من الدين ، وعليه فغاية ما تدلّ عليه الآية وجوب التحذر فيما إذا كان إنذار المنذر بالدين ، ومثل هذا التحذر الواجب لا يمكن أَنْ يكون مساوقاً مع الحجية لأنَّه أُنيط بكون الإنذار مطابقاً للواقع فمع إحراز هذا القيد يعلم بالحكم الواقعي فلا معنى للحجية عندئذ ومع الشك فيه يشك في موضوع وجوب التحذر.

وبهذا البيان ظهر أولا ـ عدم رجوع هذا الاعتراض إلى الاعتراض السابق. وثانياً ـ عدم صحة ما أُجيب به عليه من انَّ الحجية والتعبد يحرز كون المنذر به من الدين ، فانَّ هذا فرع أَنْ يستفاد من وجوب التحذر المفاد بالآية ما يساوق الحجية وقد عرفت انَّه غير معقول لأنَّه قد أخذ في موضوع وجوب التحذر أَنْ يكون المنذر به من الدين.

والجواب ـ انَّ وجوب التحذّر في مورد الإنذار بالدين معناه جعل المنجزية والاهتمام للواقع في مورد الإنذار وهذا بنفسه لسان من ألسنة جعل الحجية وإيجاب الاحتياط على ما تقدّم منّا في حقيقة الحكم الظاهري ، نظير قوله ٧ ( لا ينبغي التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا ) (١) وليس الحكم الظاهري حكماً مستقلاً عن الحكم الواقعي ليكون له موضوع واقعي مستقل عنه بل هو طريق محض إليه ، وهذا معناه انَّ وجوب التحذر المفاد بالآية ليس حكماً موضوعه الإنذار بالواقع بل هو حكم بمنجزية الواقع المنذر به ولزوم التحذر من تبعة مخالفته فكأنَّه قال لا بدَّ من التحذر من تبعة مخالفة الواقع المنذر به.

الثالث ـ ما جاء في الكفاية من انَّ الآية تدلّ على حجية قول المنذر المتفقه في الدين وهذا لا يصدق على كلّ راوٍ ، بل الإنذار بنفسه فرع فهم المعنى ليكون منذراً بما يترتّب عليه من تبعات فلا يصدق على مجرّد الاخبار ، فالآية ، إِنْ دلّت على الحجية

__________________

(١) جامع أحاديث الشيعة ، ج ١ ، باب حجية اخبار الثقات حديث ٣.

۴۵۶۱