المخوّف نوعاً وعموماً لا الثاني ولا أقلّ من عدم ظهورها في الثاني الكافي في الإجمال وعدم صحّة الاستدلال. وعليه لا يمكن استفادة الحجية من التحذّر المذكور لأنَّه تحذّر في مورد الإنذار لا الاخبار وهو لا يكون إِلاّ مع تنجز العقاب في المرتبة السابقة ومثله لا يكشف عن الحجية بل يستحيل أَنْ يكشف عنها لأنَّه في طول الحجية والتنجز ، وهذه قرينة أُخرى على انَّ الآية ناظرة إلى الحالة الغالبة على أهل القرى آنذاك من تنجز الشبهات لكونها قبل الفحص أو مقرونة بعلم إجمالي.
الثالث ـ انَّ غاية ما يلزم من الآية لو سلّم دلالتها وجوب التحذّر في مورد الخبر الدال على الإلزام ، وهذا غير الحجية المطلوبة وانَّما هو وجوب الاحتياط ولكن في خصوص الشبهة التي قام فيها خبر على الإلزام لأنَّها تأمر بالتحذر وهذا لا يعقل إطلاقه بلحاظ المدلول الترخيصي للخبر ، كما انَّ لسان الجعل فيها للخبر الإلزاميّ ليس لسان إثبات المؤدّى بل لسان التحذر ولزوم الاحتياط ، وممّا يؤيد ذلك مجيء الإنذار مطلقاً بلا فرض عدالة في المنذر أو وثاقة حتى اضطرَّ المستدلّ بها أَنْ يقيد مفادها بأدلة خاصة خارجية (١) مع انَّ هذا في نفسه غريب عرفاً وبحسب المرتكزات العقلائية في باب الحجية والأمارية بل يكون المناسب مع هذا الإطلاق أَنْ يكون الحكم المذكور روحه إيجاب الاحتياط وتنجز الأحكام الواقعية في مورد إنذار المنذرين.
الكلمة الثانية ـ في الإشكال على الوجوه الثلاثة التي تقدّمت في إثبات القدر المشترك فيرد على الوجه الأول منها.
أولا ـ انَّا لو سلّمنا دلالة كلمة ( لعلَّ ) على المطلوبية فالحذر المطلوب إِنْ كان هو الحذر من العقاب المساوق مع وجوب التحذر بلحاظه ولا بديته فهذا الفرض يساوق عرفاً كون الإنذار بلحاظ العقاب أيضا ، لأنَّ ظاهر الآية انَّ الحذر من نفس الشيء المخوف المنذر به وهو يعني انَّ الإنذار فرض في طول العقاب والمنجزية على ما تقدّم ، وإِنْ كان المراد الحذر من المخالفة للحكم الواقعي بعنوانها فمطلوبية هذا الحذر لا يلزم
__________________
(١) قد يقال : انَّ صدر الآية خطاب للمؤمنين ﴿ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ﴾ والمنذرين هم طائفة منهم بصريح الآية فيكون ذلك مساوقاً مع الوثاقة أو العدالة.