ولا ينبغي الاستشكال في انَّ المستظهر من الآية المعنى الثاني الوسط فتكون الشرطية من القسم الثالث الّذي فيها مفهوم بحسب طبعها (١).

هذا كلّه لو أُريد بالموضوع موضوع الحكم ، فالشرطية في الآية الكريمة بلحاظ ما هو موضوع الحكم فيها لا تكون مسوقة لبيان تحققه.

إِلاّ انَّ هناك موضوعاً للشرطية بمعنى آخر وهو ما يمكن فرضه قبل الجملة الشرطية وموضوعاً لها كما في قولك ( زيد إِن جاءك فأكرمه ) وبين هذا المعنى للموضوع والمعنى السابق عموم من وجه إذ قد يفترقا كما في قولك ( زيد إِن جاءك فتصدق على جيرانك ) حيث ان موضوع الجزاء هو الجيران مع انَّ موضوع الشرطية هو زيد ، وقد يجتمعان كما في ( زيد إِن جاءك فأكرمه ) وهذا النحو من الموضوع للقضية الشرطية أعني ما يجعل موضوعاً لنفس الشرطية والتعليق بحسب الحقيقة تطعيم للقضية الشرطية بالحملية ، وهذا يؤدّي إلى أن يكون ما جعل موضوعاً بهذا المعنى في القضايا الشرطية مأخوذاً بنحو الفرض والتقدير كما هو الحال في القضايا الحقيقية التي تكون الأحكام الشرعية منها عادة لأن الموضوع في القضايا الحقيقة مفروض ومقدر الوجود وهذا يترتّب عليه ثمرات في باب الاستنباط.

منها ـ انَّ الشرطية لا تدلّ على الانتفاء حين انتفاء ذلك الموضوع للشرطية عند انتفاء الشرط وانَّما يدلّ على الانتفاء عند انتفاء الشرط ما دام ذلك الموضوع محفوظاً وامَّا إذا ارتفع فلا مفهوم حتى لو كان موضوع الحكم في الجزاء محفوظاً ، كما في مثال ( الختانان إذا التقيا وجب الغسل ) فانَّه لا مفهوم له لما إذا لم يكن للإنسان ختان كما في مقطوع الحشفة فلا يدلّ على انتفاء الغسل عليه لو لم يلتق ختانه من جهة انتفاء موضوع أصل القضية الشرطية.

__________________

(١) أفاد ـ قده ـ خارج البحث بان وجه هذا الاستظهار رجوع الضمير الواقع موضوعاً لوجوب التبين إلى النبأ وهو مطلق ليس مقيداً بالفاسق إذا لم يقل إِنْ جاءكم نبأ الفاسق لكي يتحصص.

إِلاّ انَّ هذا المقدار الظاهر غير كاف للاستظهار لأن الضمير يرجع إلى المقصود من مرجعه أو المقيد لا مطلقه فلو قال إذا جاءك رجل فأكرمه لا يدلّ على كفاية إكرام رجل ولو غير الجائي بل المستفاد منه لزوم إكرام الرّجل الجائي الملحوظ في الشرط رغم عدم إضافة الرّجل إلى المجيء ؛ كذلك الحال في المقام فانَّ المقصود التبين عن النبأ الّذي جاء به الفاسق لا مطلق النبأ خصوصاً وانَّ الضمير في وجوب التبيّن مقدر وليس ظاهراً.

۴۵۶۱