فواضح البطلان ، وإِن كان على أساس المقدمية شرعاً فان أُريد بالتبين تبين الحال فهو لا يعقل أن يكون قيداً للعمل بخبر الفاسق إذ قد يتبين خلافه وإِن أُريد تحصيل الوثوق أو الظنّ بصدق الفاسق فهذا القيد إِن رجع قيداً لوجوب العمل بخبر الفاسق فيكون من مقدمات الوجوب لا الوجود فلا يترشح عليه الوجوب الغيري وإِن كان قيداً للواجب فمن الواضح انَّه لا يجب تحصيل الظنّ في العمل بخبر الفاسق بل ليس هذا غرض الشارع وانَّما غرضه عدم الإصابة بجهالة وخطأ.
٦ ـ ما ذكره العراقي ( قده ) أيضا بناءً على أن يراد بالتبين تحصيل العلم من انَّ الأمر المذكور يمكن أن يكون إرشاداً إلى حكم العقل بوجوب تحصيل العلم ما لم تقم حجة على الخلاف ـ وهذا بخلاف ما لو أُريد بالتبين ما يعمّ الظنّ فان العقل لا يحكم بلزوم تحصيله ـ وحينئذ أيضا نحتاج في إثبات حجية خبر العادل إلى ضمّ مقدمة عدم الأسوئية ولكن ببيان انّ عدم وجوب التبين عن خبر العادل امَّا أن يكون من جهة القطع بكذبه فيكون أسوأ حالاً وامَّا أن يكون لحجيته وهو المطلوب.
وفيه : أولا ـ انَّ العقل لا يحكم بلزوم تحصيل العلم بالواقع وتبينه بل بلزوم تحصيل العلم بالامتثال ولو بالاحتياط فما وقع مصباً للأمر ليس بعنوانه موضوعاً لحكم العقل ليحمل الدليل على الإرشاد إليه (١).
وثانياً ـ انَّ الآية قد علقت وأناطت وجوب التبين على الفسق مع انَّ الحكم العقلي المذكور ليس معلقاً عليه بل على مطلق الشك وعدم العلم. اللهم إِلاّ أن ترجع الإناطة المذكورة إلى الإرشاد إلى عدم حجية خبر الفاسق بلسان انَّه يجب تحصيل العلم حتى إذا جاءكم الفاسق بالخبر المشكوك.
وثالثاً ـ انَّ حكم العقل ليس وجوباً ولا حكماً بل إدراك لعدم المؤمن إِلاّ بالقطع أو القطعي ومن الواضح انَّ هذا المعنى محفوظ حتى لو فرض انَّ خبر العادل كان معلوم الكذب فانَّه يصدق انَّه لا مؤمن إِلاّ القطع بالواقع فوجود القطع لا ينفي اللابديّة العقلية
__________________
(١) إِلاّ انَّ الآية أيضا لا تدلّ على أكثر من التبين لو أُريد إصابة القوم أي الامتثال وهو نفس موضوع حكم العقل بل التعليل في ذيل الآية ظاهر في الاستنكار وإبراز نكتة عقلائية فيناسب أَنْ يكون إرشاداً إلى حكم العقل.