دجاجة ذات أربع قوائم الّذي احتماله القبلي ضعيف جداً كان حصول التواتر أبطأ وهذا أيضا على أساس نفس نكتة حساب الاحتمالات وليعلم بان الاحتمال القبلي قد يكون ضعيفاً على أساس حساب استقرائي في علل تلك القضية وأسباب وجودها في نفسها كما في المثال المتقدم ، وقد يكون ضعيفاً على أساس كثرة البدائل المحتملة لتلك القضية لا لحساب الاحتمالات في الأسباب والعلل ، كما فيما إذا طرق بابك طارق مردد بين آلاف من الناس لأنَّهم جميعاً يحتمل في حقهم ذلك فان احتمال أن يكون الطارق زيداً احتمال من مجموعة آلاف احتمالات إذ له بدائل متعددة بعدد الآلاف.
وضعف الاحتمال القبلي انَّما يؤثر في بطء حصول التواتر فيما إذا كان من القسم الأول لا الثاني وهذا أمر وجداني واضح وامَّا نكتته وبرهانه فموكول إلى كتاب الأسس المنطقية أيضا.
٣ ـ تباين الشهود في أوضاعهم الحياتية والثقافية والاجتماعية فانَّه كلّما كانوا متباينين فيها أكثر كان حصول التواتر أسرع لأنَّ ذلك يؤدّي إلى أن يكون احتمال وجود غرض ذاتي مشترك للكذب أبعد وأضعف. وقد أدرك القدماء هذا الشرط أيضا بفطرتهم فاشترط بعضهم أن يكون الشهود من بلدان عديدة أو من ملل وأديان مختلفة ونحو ذلك وجوهر النكتة ما أشرنا من انَّ هذا يكون مؤثراً على حساب الاحتمالات وسرعتها نفياً أو إثباتاً.
٤ ـ كيفية تلقي القضية من قبل كلّ شاهد شاهد إذ كلّما كانت القضية المتلقاة لهم أقرب إلى الحسّ وأبعد عن النّظر كان حصوله أسرع والعكس بالعكس أيضا فالتواتر في نزول المطر يحصل بعدد أقل من التواتر في عدالة زيد مثلاً والسبب ما تقدّم أيضا من انَّ القضية الحسيّة يكون احتمال الخطأ والاشتباه فيها أقلّ فالتجميع في حساب الاحتمالات يكون من احتمالات أكبر قيمة.
وامَّا العوامل الذاتيّة فأهمّها ما يلي :
١ ـ حالة الوسوسة والبطء الذاتي للذهن فانَّ الناس يختلفون في سرعة حصول اليقين لهم وبطئه اختلافاً ذاتياً حتى مع وحدة الدليل الموضوعي فكلّما كانت الحالة الذهنية الذاتيّة للإنسان أبطأ كان حصول التواتر بالنسبة إليه أبطأ والعكس بالعكس