البشري عن إدراكها في هذه النشأة ويحاولون بذلك إِلقاء الشبهة والفتنة والبلبلة في الأذهان وهذا مسلك عام في فهم وتفسير الآيات المتشابهة ، وعلى ضوء هذا يتّضح انَّ الآية أجنبيّة عن محل الكلام بالمرّة.
لا يقال : إِذا كانت المصاديق الخارجية غير معقولة فلا محالة يكون ذلك قرينة على إرادة معنى آخر مجازاً فيكون من التشابه المفهومي.
فانَّه يقال : لا موجب لرفع اليد عن ظهور استعمالها في مداليلها اللغوية والعرفية وعدم المعقولية لا تقتضي ذلك وانَّما تقتضي أَنْ يكون تطبيق المفاهيم المذكورة على تلك المصاديق الواقعية الغيبيّة فيه نوع من العناية نظير المجاز السكاكي ، فانَّ هذا هو مقتضي تقريب الإنسان حسي النشأة والنزعة إلى عالم الغيب لا استعمال اللفظ ابتداءً في معانٍ غيبية غير مفهومة بل غير قابلة للفهم أحياناً ، فانَّ هذا لا يكون استعمالاً أصلاً مع انَّه لا إِشكال في انَّ الآيات القرآنية مستعملة في معانيها المفهومية المحددة عند السامعين لها على حدّ الكلمات العربية الأُخرى.
ومن مجموع ما ذكرناه في هذا الجواب بالإمكان استخلاص جوابين آخرين كما يلي :
الرابع ـ انَّ الاستدلال بالآية مبني على حمل التشابه على التشابه بلحاظ المفهوم والمدلول الاستعمالي ، مع أنَّك قد عرفت انَّ المراد هو التشابه بلحاظ عالم المصاديق والتطبيق.
الخامس ـ لو سلم إرادة المتشابه بحسب المفهوم ، فما في ذيل الآية من قوله تعالى ﴿ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ دليل على أنَّ المنهي عنه هو اتباع المتشابه بنحو التأويل فلو كانت الآية شاملة للظاهر القرآني كان دليلاً على النهي عن المعنى التأويلي لها وهو الحمل على خلاف الظاهر لا اتباع الظاهر نفسه.
السادس ـ لو قطع النّظر عن كلّ ذلك وسلّم الاستدلال فغايته إطلاق الآية للعمل بالظواهر فيقيد بما دلَّ من الروايات على حجية الظواهر القرآنية ولزوم الرجوع إليها لكونها أخص منها كما هو واضح.
السابع ـ وهو جواب جدلي على علمائنا الأخباريين الّذي بنوا على عدم حجيّة