فانَّه يقال ـ هذا لا ينافي وجدانية مرجعية أصالة الظهور على كلّ حال ولو بمعنى انَّه في حالة الشك أيضا لا بدَّ من افتراض حجية كبرى الظهور لكي تجري أصالة عدم القرينة ، فالوجدان بهذا المقدار مقبول ولا يضرّ بتعدد الأصلين.

وإِنْ أُريد إثبات عدم كفاية أصالة عدم القرينة وحدها كما يحاوله الشيخ على ما يأتي بل لا بدَّ من أصالة الظهور فهذا لا يحتاج فيه إلى الوجدان المذكور ، بل يبرهن عليه بأنَّ أصالة عدم القرينة في حالة الشك لا يجعلها بأولى من حالة القطع بعدم القرينة ، ومع ذلك من الواضح انَّه يمكن أَنْ يكون مراد المتكلّم على خلاف الظهور من دون قرينة ولا نافي لهذا الاحتمال إِلاّ أصالة الظهور.

وأمَّا الشيخ الأنصاري ( قده ) فالمتراءى من بعض عبائره التوحيد بين الأصلين بإرجاع أصالة الظهور ـ الأصل الوجوديّ ـ إلى أصالة عدم القرينة ـ الأصل العدمي ـ ولا يتحصّل لنا برهان واضح على هذا المدعى من كلماته.

إِلاّ انَّ المحقق العراقي ( قده ) حاول البرهنة عليه بربط هذه المسألة بمسألة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة وعدمه ، فذكر انَّه بناءً على القول بقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة لا محالة يستكشف في كلّ مورد ثبت فيه عدم إرادة الظهور انَّه كان هناك قرينة لكي لا يلزم القبح المذكور ، وعليه يكون احتمال إرادة خلاف الظاهر ـ الّذي يراد نفيه بأصالة الظهور ـ مساوقاً دائماً لاحتمال القرينة ، فإذا نفينا هذا الاحتمال بأصالة عدم القرينة ثبت إرادة الظهور جداً وإِلاّ لزم القبح وهو محال بلا حاجة إلى أصالة الظهور ، وهكذا ربط الحاجة إلى أصالة الظهور بالقول بجواز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

وهذا البيان أيضا غير تام ، لأنَّ تطبيق قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة فرع بيانية الظهور في الدليل الأول وهي فرع حجيته ، وإِلاّ فلو كان الخطاب مجملاً وليس بحجة فأيّ قبح في تأخير البيان حينئذ فانَّ حاله حال عدم الخطاب رأساً ، وعليه فإثبات إرادة الظهور بأصالة عدم القرينة فرع حجية الظهور في المرتبة السابقة حتى بناءً على مسلك قبح تأخير البيان.

۴۵۶۱