وجوده على كل من مسلكنا ومسلك المشهور في حقيقة الأحكام الظاهرية؟.
والصحيح أَنْ يقال : تارة يفرض انَّ الحكمين الظاهرين طوليان بأَنْ أخذ في موضوع أحدهما الشك في الاخر كما إذا أُريد إثبات حجية خبر الثقة مثلاً بالاستصحاب أو بالعكس ، وقد يفرض انَّ موضوعهما في عرض واحد كما لو أُريد جعل البراءة والاستصحاب الملزم بالتكليف في مورد واحد حيث انَّ موضوع كل منهما الشك في الحكم الواقعي.
فإذا فرض عرضية الحكمين الظاهرين فبناءً على مسالك القوم من افتراض المصلحة في نفس جعل الأحكام الظاهرية لا تنافي بينهما بوجوديهما الواقعيين وانما التنافي بمقدار وجوديهما الواصلين إلى المكلف حيث يتنافيان من حيث التنجيز والتعذير واما بلحاظ المبادي فلا تنافي لتعدد الجعلين واقعاً وتعدد موضوع المصلحة فمن يذهب إلى أحد مسالك القوم لا بدَّ له من الالتزام بعدم التنافي بين جعل الأحكام الظاهرية العرضية بوجوداتها الواقعية لعدم التضاد فيما بينهما إِلاَّ في مرحلة الوصول فالمحذور بهذا المقدار لا أكثر.
واما على مسلكنا من انَّ الحكم الظاهري ناشئ عن مبادئ حقيقية وهي نفس المبادي الواقعية ومقدار اهتمام المولى بها في مقام التزاحم الحفظي فحينئذٍ لا يعقل جعل حكمين ظاهرين متعاكسين حتى واقعاً ولو لم يصل إلى المكلف لأنَّ جعل الإلزامي منهما معناه اهتمام المولى بملاكاته الإلزامية الواقعية وجعل الترخيصي منهما معناه عدم اهتمامه بها بل ترجيحه لملاكاته الواقعية الترخيصية ، والاهتمام مع اللا اهتمام بأمر واحد متنافيان لا محالة.
فعلى أساس تصوراتنا في حقيقة الحكم الظاهري يكون التنافي بين حكمين ظاهريين عرضيين ثابتاً واقعاً كالتنافي بين حكمين واقعيين كذلك ، وهذا أحد الفوارق والثمرات المترتبة بين المسلكين.
واما إذا فرض طولية الحكمين الظاهريين فلا تنافي بينهما بوجوديهما الواقعيين حتى على مسلكنا إذ يعقل أَنْ يكون اهتمام المولى بملاكاته الواقعية مختلفاً في مرتبة الشك في نفس الحكم الظاهري الّذي يراد تنجيز الواقع أو التعذير عنه به عما إذا لم يكن