والجواب ـ إنْ أُريد بالإرادة المعنى الفلسفي المعبر عنه بالشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات فنحن لا نسلم انَّ الفعل الاختياري يصدر عن امر من هذا القبيل وانما يصدر عن إعمال القدرة والسلطنة وما أكثر ما يصدر الفعل الاختياري من الإنسان وهو غير مشتاق إليه أصلاً بل مبغوض لديه وإِنْ أُريد نفس صدور الفعل باختيار الإنسان فهذا هو معنى توسع دائرة المحركية مع كون مصب الغرض والحب هو المطلوب الواقعي فحسب.
المقدمة الثانية ـ انَّ التزاحم بين حكمين على ثلاثة أقسام :
١ ـ التزاحم الملاكي وهو فيما إذا افترض وجود ملاكين في موضوع واحد أحدهما يقتضي محبوبيته والأخرى يقتضي ما ينافيها ويضادها كالمبغوضية مثلاً فيقع التزاحم الملاكي بمعنى انه يستحيل أَنْ يؤثر كل منهما في مقتضاهما لمكان التضاد بينهما ومن خصائص هذا التزاحم انه لا يكون إِلاَّ في موضوع واحد وإِلاَّ لم يكن هناك اجتماع الضدين فلو كان كل من الملاكين في موضوع أو حيثية تقييدية غير موضوع الاخر فلا محذور في تأثيرهما معاً في إيجاد الحبّ والبغض. وكذلك من أحكام هذا التزاحم تأثير أقوى المقتضيين بعد الكسر والانكسار في إيجاد مقتضاه وحينئذٍ يكون مقتضاه فعليّاً ومقتضى الآخر ساقطاً مطلقاً.
٢ ـ التزاحم الامتثالي ـ وهو ما إذا كان الملاكان في موضوعين وفعلين إِلا انه للتضاد بينهما لا يمكن الجمع بينهما في مقام الامتثال فهذا التزاحم انما هو في مرحلة الامتثال الناشئ من ضيق القدرة على الجمع والقدرة تكون دخيلة في التحريك والأمر ولا يشترط وجودها في المحبوب أو المبغوض ومن هنا تكون مبادئ الحكم من الحب والبغض فعلية في موارد هذا السنخ من التزاحم ما لم يفرض دخل القدرة في الملاك والغرض نفسه.
٣ ـ التزاحم الحفظي ـ وذلك فيما إذا فرض عدم التزاحم الملاكي لتعدد الموضوع وعدم التزاحم الامتثالي لإمكان الجمع بين مصب الغرضين والفعلين المطلوبين واقعاً وانما التزاحم في مقام الحفظ التشريعي من قبل المولى عند الاشتباه واختلاط موارد أغراضه الإلزامية والترخيصية أو الوجوبية والتحريمية فانَّ الغرض المولوي يقتضي