إرادة سد باب العدم من ناحية عدم الخطاب نفسية كما أشرنا وبلحاظ الإرادة النفسيّة يلزم التضاد فانَّ مشكلة التضاد انما تكون بلحاظ إرادة الفعل النفسيّة كما هو واضح لا بلحاظ الإرادة الغيرية لسد أبواب العدم من قبل المولى بجعل الخطابات.
وثالثاً ـ وهو يرجع إلى الثاني روحاً ـ انَّ إرادة سد باب العدم من ناحية عدم الخطاب الواقعي امّا أنْ تكون إرادة غيرية أي قبلها إرادة أو انها تمام الإرادة في نفس المولى ، فعلى الأول عرفت محذور التضاد وعلى الثاني فهذا يتحقق بمجرد جعل الخطاب الواقعي فانه به يكون عدم الامتثال من ناحية عدم جعل الخطاب الواقعي ممتنعاً لا محالة فيكون تمام المراد نفس جعل الخطاب لا فعل المكلف.
ورابعاً ـ انَّ لصدور المرام خارجاً باباً واحداً دائماً يسده المولى لأنَّ المكلف اما أَنْ يعلم بالخطاب الواقعي أو لا فالمكلف العالم ليس له إلا باب عدم جعل الخطاب الواقعي وامّا جعل الخطاب الظاهري فلا أثر له بالنسبة إليه والمكلف الشاك ليس له أيضاً إلا باب عدم جعل الخطاب الظاهري بالاحتياط وامّا جعل الخطاب الواقعي فعدمه لا يوجب عدم المرام فليس هناك بابان للعدم ليقال أحدهما سده تحت الطلب دون الاخر.
والصحيح في كيفية الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية يتوقف بيانه على رسم مقدمات جملة من نكاتها قد تقدم البحث عنها عرضا وبالمناسبة إلا انَّ موضعها الرئيسي المقام فنقول :
المقدمة الأولى ـ انَّ الغرض سواءً كان تكوينياً أو تشريعياً إذا أصبح مورده معرضاً للاشتباه والتردد فانْ كان بدرجة بالغة من الأهمية بحيث لا يرضى صاحبه بتفويته فسوف تتوسع دائرة محركيته فتكون أوسع من متعلق الغرض الواقعي ، فمثلاً لو تعلق غرض تكويني بإكرام زيد وتردد بين عشرة وكان الغرض بمرتبة لا يرضى صاحبه بفواته فلا محالة سوف يتحرك في دائرة أوسع فيكرم العشرة جميعاً لكي يحرز بلوغ غرضه ، وهذه التوسعة أمر وجداني لا ينبغي النزاع فيه وهي توسعة في المحركية وفاعلية الغرض والإرادة لا في نفسهما بل الغرض والحب والإرادة باقية على موضوعها الواقعي وهو إكرام زيد لا غيره إذ لا غرض نفسي في إكرام غيره ليتعلق شوق أو إرادة به ولا