والتحقيق : اننا إذا مشينا حسب الإطار الفكرية المتبناة من قبل العلمين وحسب تصوراتهم في المقام فالصحيح ما وقفه المحقق العراقي ( قده ) من النقض المذكور فان ما أجاب به عليه يفي في مقابل مثل الميرزا ( قده ) الّذي يفرق بين الألسنة كما أفاد ذلك في قاعدة قبح العقاب بلا بيان فيما سبق ، حيث جعل لسان جعل لطريقية والعلية حاكما عليها ورافعا لموضوعها دون غيره من السنة الحكم الظاهري. واما ما أفيد من قبل الميرزا ( قده ) من ان جريان الأصل في أحد طرفي العلم يدل بالالتزام على جعل الطرف الاخر بدلا عن الواقع تعبدا فقد أشكل عليه المحقق العراقي ( قده ) بأنه إن أراد استفادة جعل البدل من نفس الأصل كما في الأمارة فهو من الأصل المثبت ، وإن أراد استفادته من دليل الأصل الّذي هو دليل اجتهادي لا عملي من باب استحالة جعل الأصل في طرف من دون جعل بدل الواقع في الطرف الاخر فمثل هذه الدلالة ممنوعة لأن الشرط لمعقولية جعل الأصل هو وصول جعل البدل لكي تكون الموافقة التعبدية حاصلة ولا يكفي جعله الواقعي من دون وصوله ، ومن الواضح انا لا نعلم بجعل الطرف الاخر بدلا بالوجدان اذن فشرط صحة جعل الأصل النافي مما يقطع بعدمه فيقطع بعدم صحة جعل الأصل النافي لا محالة. ولا يقال : ان الوصول يتحقق بنفس دليل الأصل.

لأن المفروض تقوم الدلالة الالتزامية في المرتبة السابقة بالوصول فلا مدلول التزامي من دون وصول لا ان المدلول ثابت ولا وصول له لكي يقال بأنه يصل بنفس دليل الأصل كما في موارد الأمارة ومدلولها الالتزامي.

هذا ولكن حينما لا تربط المسألة بالصياغة وعالم الألفاظ والاعتبارات فالصحيح ما عليه المحقق النائيني ( قده ) حينئذٍ في موقفه النقضي ما عليه المحقق العراقي ( قده ) وذلك لأننا أوضحنا فيما سبق بان كل القواعد والأحكام الظاهرية مهما كان لسانها بحسب عالم الإثبات ترجع إلى إيقاع التزاحم الحفظي بين الملاكات الواقعية الترخيصية والإلزامية سواء كانت القاعدة الظاهرية في مرحلة ثبوت الحكم أو مرحلة امتثاله وما عدا ذلك فصياغات واعتبارات وألفاظ والحكم العقلي بالتنجيز والتعذير الراجع إلى تشخيص حدود حق الطاعة للمولى يكون تابعا لهذه الحقيقة والمدلول الواقعي لا للصياغة ، وقد تقدم ان هذا الحكم العقلي معلق دائما على عدم إعمال المولى

۴۵۶۱