نقضا ـ بان المقصود لو كان دعوى قضية كلية هي ان العلم بوقوع الخطأ مانع عن حصول اليقين في كل معرفة عقلية نظرية فهذه القضية بنفسها لا بد وأن تستند اما إلى قضية رياضية فيرجع إلى التقريب السابق أو إلى قضية عقلية فتكون بنفسها محكومة بحكم القضايا العقلية الأخرى ، وان كان المقصود دعوى ان المحدث لا يحصل له بعد أن علم بالخطإ كثيرا اليقين من الدليل العقلي فهذا معناه انه شاك لا يقين له وليس دليلا على عدم انبغاء حصول اليقين موضوعيا ومنطقيا للآخرين الذين قد حصل لديهم منشأ لليقين.
وحلا ـ بان عدم حصول اليقين بقضية نتيجة العلم بخطإ قضية أخرى يكون في إحدى حالات ثلاث.
١ ـ أن يكون بين القضيتين تلازم موضوعي فإذا ثبت بطلان اللازم ثبت بطلان الملزوم لأن ما يستلزم الباطل وهذا استلزام موضوعي منطقي بين المعتقدين واليقينين يسري من أحدهما إلى الآخر.
٢ ـ أن تكون إحدى القضيتين دخيلة في تشكيل الدليل على صدق القضية الأخرى فإذا علم ببطلانها فقدنا البرهان على صدق القضية الثانية وان كان احتمال صدقها في نفسها واردا ، فمثلا يخبرك وأنت تصدقه لعلمك بورعه عن الكذب لو علمت انه قد كذب عليك مرة أو مرات فيما أخبرك به سابقا فسوف لن يحصل لك يقين من اخباره الجديد لأن مدرك يقينك كان حساب الاحتمالات المنتهية إلى القطع فيما سبق وقد زال بعلمك بأنه قد كذب وانقلبت الحسابات إلى نسبة معينة من الكذب أو الخطأ تتحكم على اخباره الجديد أيضا ، ومثال آخر ما أقامته الفلسفة القديمة من البرهان على العقول العشرة المبتني على افتراض ان العالم ذات سبعة أفلاك متغايرة سنخا وذاتا فلا بد وأن تكون متغايرة منشأ وعلة لأن الواحد لا يصدر منه إلا الواحد.
فحيثما ثبت بطلان قصة الأفلاك السبعة زال البرهان المذكور وإن كانت قصة وجود العقول العشرة معقولة في نفسها.
٣ ـ أن يكون زوال اليقين نتيجة حصول تلجلج عقلي ذاتي لدى الإنسان بعد وقوفه على الأخطاء الكثيرة بحيث قد ينتهي إلى عدم حصول اليقين له أصلا ، كما حصل