يمكن الاستدلال عليها بالأدلة العقلية النظرية أيضا.

واما الثاني فلان الاستدلالات الفقهية لا تعتمد غالبا إلا على قضايا الظهور والدلالة والتوفيق فيما بينهما والسند ونحو ذلك ، وهي كلها قضايا عرفية وليست بنظرية برهانية ولا إشكال في ان نسبة الخطأ فيها لا تبلغ نسبته في النظريات العقلية.

والتحقيق : ان هناك تقريبين يمكن أن نذكرهما لتبرير مدعى المحدث في المقام وكلاهما غير تام.

الأول ـ اننا بعد أن علمنا بوقوع الخطأ في كثير من القضايا البرهانية العقلية فمنطقيا ورياضيا ـ وقضايا الرياضيات مسلمة عندهم ـ سوف تتشكل نسبة معينة تحدد على ضوئها قيمة احتمال صحة كل قضية من تلك القضايا هي نسبة المقدار المعلوم خطئها من تلك القضايا إلى مجموعها وهو معنى زوال اليقين بها (١).

وفيه : ان هذه الطريقة انما تصح لتقييم استدلال يمارسه الغير واما الاستدلالات والبراهين التي يمارسها المستدل نفسه فلا تحكم فيها هذه النسبة المعلومة من الخطأ في مجموع القضايا البرهانية أو غير البرهانية ، والوجه في ذلك ان الّذي يعيش القضية البرهانية والدليل العقلي مدركه على اليقين العقلي انما هو وجدانه العقلي بما يتضمن من مواد وقضايا يرى بداهتها أو انتهائها إلى البديهي ويرى بحسب فحصه العقلي صحة الاستنتاج منها وهذا على حد الوجدان الحسي أمارة كاشفة تورث اليقين فكما انك لو فحصت عن أخيك في المسجد فلم تجده تحكم بعدم وجوده فيه كذلك يحصل نتيجة الفحص العقلي إذا صح التعبير في المدركات العقلية الأولية اليقين والكشف عن قضية عقلية.

الثاني ـ انه بعد العلم بوقوع الخطأ في القضايا العقلية كثيرا لا ينبغي أن يحصل للإنسان اليقين والجزم من أدلتها.

وهذا التقريب يرد عليه :

__________________

(١) ويرد عليه أيضا : ان الخطأ موجود حتى في القضايا الحسية ولكن بنسبة أقل فلا بد من الالتزام بعدم الجزم واليقين بالمعارف الحسية أيضا نتيجة تحكيم النسبة الرياضية المعلومة من الخطأ فيها على كل معرفة حسية أيضا ، وهذا خلف مقصود المحدث ومساوق لإنكار أصل المعرفة.

۴۵۶۱