ثم ان هنا اعتراضات على أصل مبنى جعل الطريقية وقيام الحجج مقام القطع الموضوعي من قبيل ان هذه الحكومة لا تتم في الأحكام الثابتة بدليل لبي كحجية الخبر أو الفتوى بناء على ان مدرك الحجية فيها السيرة العقلائية ، ومن قبيل ان بعض الحجج كالاستصحاب لا يكون حجة وقائما مقام القطع الموضوعي ـ لو قيل بقيامه مقامه ـ إلا في طول قيامه مقام القطع الطريقي بحيث يكون للمستصحب أثر عملي في حق المجتهد نفسه وهذا لا يكون في موارد أحكام النساء مثلا أو غيرها مما هو خارج عن محل ابتلاء المجتهد ولا يكون ذا أثر عملي في حقه ، وسوف يأتي التعرض لها في محلها.
وهناك تقريب ثان لعلاج مشكلة الإفتاء بناء على اختصاص موضوع الحكم الظاهري بالمجتهد من دون افتراض عناية زائدة حاصله :
ان المقلد بالرجوع إلى المجتهد في موضوع الحكم الظاهري والوظيفة العملية يصبح حقيقة موضوعا للرجوع إليه في نفس الوظيفة فيشترك معه فيها ، فشمول دليل التقليد له بلحاظ المسألة الأولى ينقح له موضوعا حقيقة ووجدانا لشموله ثانيا بلحاظ الحكم الظاهري والوظيفة العملية ، وهذا من هذه الناحية نظير شمول دليل حجية الخبر للخبر مع الواسطة حيث يتنقح موضوع اخبار الواسطة بشمول دليل الحجية للخبر المباشر ، فمثلا في مورد الاستصحاب يرجع المقلد إلى المجتهد أولا في إثبات الحالة السابقة ـ ولنفرضها معلوما بالعلم الوجداني للمجتهد ـ فيصبح بذلك عالما تعبدا بنجاسة الماء المتغير حدوثا مثلا وبما انه شاك في نجاسته بعد زوال التغير فيتنقح بذلك في حقه موضوع الحكم بالنجاسة الاستصحابي كالمجتهد نفسه ، غاية الأمر أن يقين المجتهد السابق وجداني ويقينه تعبدي وقد ثبت في محله قيام اليقين التعبدي مقام اليقين الوجداني في الحكم بجريان الاستصحاب ، وكذلك الحال في موارد احتياط المجتهد لحصول علم إجمالي له فان حجية علمه هذا للمقلد يجعله عالما إجمالا بالحجة على الحكم وهو كالعلم بالواقع في المنجزية ، وكذلك في موارد الأمارات والأدلة الاجتهادية والأصول العملية الأخرى. غاية الأمر تبقى مسألة الاختصاص من ناحية عدم الفحص وفي هذه النقطة يقال بان دليل الفحص يدل على لزوم فحص كل مكلف بحسبه وفحص المقلد ليس بالرجوع إلى كتب الفقه بل بالرجوع إلى المجتهد فبرجوعه إليه وعدم وجدان ما يدل منه على الخلاف يكون قد أكمل الفحص حقيقة فصار صغرى لكبرى الوظيفة الظاهرية المقررة