الأستاذ ـ وحينئذ نضم إلى ذلك ما تنقح في بحث القطع من استحالة أخذ وصول الحكم في موضوع شخصه ولا يكفي في المقام ان يؤخذ وصول الحكم بمعنى الجعل أو إبرازه في موضوع شخصه لأن قصد الأمر متوقف على وصول الحكم الفعلي إلى المكلف ولو بأدنى مراتب الوصول ولا يفيد فيه وصول الحكم بمعنى الجعل أو الإبراز.
وبهذا يتبرهن استحالة أخذ قصد الأمر في متعلق نفسه على أساس لزوم التهافت والدور الّذي أفاده المحقق النائيني ( قده ) غاية الفرق انه كان يقرر ذلك بلحاظ أخذ الأمر في موضوع نفسه ونحن نقرره بلحاظ أخذ وصول الأمر في موضوع نفسه (١).
الوجه الثاني ـ ما يمكن ان يجعل تتميما للوجه الأول من الوجوه المتقدمة الّذي كان يبرهن على الاستحالة بملاك التهافت وأن قصد الأمر لا يكاد يتأتى الا من قبل الأمر فكيف يمكن ان يؤخذ في متعلقه بحيث يتوقف عليه الأمر وقد أجبنا عليه فيما مضى بأن الأمر لا يتوقف على واقع قصد الأمر ولا يعرض عليه حقيقة بل يعرض على عنوان قصد الأمر ووجوده في أفق ذهن الآمر فلا تهافت.
__________________
(١) يمكن الإشكال في هذا البرهان أيضا نقضا وحلا وقبل بيانهما لا بد من تبيين مقدمة حاصلها : ان وجه شرطية القدرة في التكاليف والخطابات هو الاستظهار العرفي. الّذي أبرزه المحقق النائيني ( قده ) من ان ظاهر كل تكليف انه مجعول بغرض الباعثية والمحركية وهي غير معقولة في موارد العجز وعدم القدرة فتكون هذه قرينة لبية متصلة بأدلة التكاليف ومقيدة لإطلاقاتها في موارد العجز وعدم القدرة والا فالعقل لا يأبى ان يكون التكليف بمعنى الاعتبار كالملاك مطلقا شاملا لموارد العجز أيضا.
وعندئذ نقول يرد على هذا البرهان.
أولا ـ النقض بسائر موارد الجهل المركب وعدم وصول التكاليف ولو احتمالا سواء كان امتثالها متوقفا على العلم بها أم لا فانه لو فرض إطلاق التكليف فيها لزم نفس محذور إطلاق التكليف لحالة العجز وهو انه تكليف فعلي مع عدم إمكان الباعثية والمحركية من ناحيته وان قيد بغرض وصوله لزم أخذ الوصول في موضوع التكليف وهو محال وتصويب.
وثانيا ـ الحل وهو اننا نلتزم بإطلاق التكاليف في موارد الجهل المركب وكذلك في المقام وعدم تقيدها بوصولها ولا يلزم منه محذور فعلية التكليف في مورد لا يمكن ان يكون باعثا ومحركا لأن موارد عدم المحركية والباعثية التي يستظهر العرف عدم إطلاق التكليف وشموله لها انما هو عدم المحركية التي لا ترتبط بجعل التكليف نفسه كما في العجز التكويني كالمشلول. واما عدم المحركية الناجمة من عدم وصول التكليف والّذي يرتفع بنفس جعل التكليف ( سواء كان عدم المحركية الّذي يرتفع في طول جعل التكليف من جهة كون المكلف جاهلا وفي طول جعل التكليف يطلع عليه طبيعة أو من جهة عدم القدرة على تحقيق متعلقه الناشئ من الجهل بالتكليف فانه أيضا يرتفع في طول التكليف ) فلا وجه لدعوى قصور إطلاق الخطابات وتقييده بغيره لأن ملاك هذا القيد كما أشرنا إليه لا يقتضي أكثر من التقييد بموارد عدم المحركية التكوينية والتي لا ترتفع بالخطاب في طوله فانه الّذي يكون خلاف غرض المولى من جعل الخطابات كما ان العقل أيضا يرى منجزية احتمال تفويت تكليف يتعذر عليه نتيجة جهله وعدم تعلمه له. وبعبارة مختصرة كل عدم محركية وداعوية ينشأ من الجهل بالتكليف لا يكون مقيدا للخطاب ولا يكون إطلاق الخطاب بالنسبة إليه منافيا للغرض المولوي وليس المقصود من قصد الأمر الا داعويته ومحركيته.