إذا نسخ الأمر بعد نسخ الوجوب
والبحث عن ذلك يقع في مقامين : الأول في إمكان إثبات الجواز بالدليل المنسوخ أو الناسخ ، والثاني في إثبات ذلك بالأصل العملي.
أما المقام الأول ـ فالمشهور بينهم عدم إمكان إثبات الجواز لا بالدليل المنسوخ ولا بالدليل الناسخ مع ان الصحيح التفصيل بلحاظ المسالك المختلفة. فانه بناء على بعضها لا بد من القول بإمكان إثبات الجواز وهذا ما يمكن بيانه بعدة تقريبات :
التقريب الأول ـ إثبات الجواز بالمدلول الالتزامي للدليل المنسوخ فانه كان يدل بالمطابقة على الوجوب وبالالتزام على نفي الحرمة ، وبعد ورود الناسخ يكون الساقط عن الحجية هو المدلول المطابقي ويبقى المدلول الالتزامي على حجيته في نفي الحرمة وبذلك يثبت الجواز بالمعنى الأخص.
وهذا التقريب عليه إشكال لا بد من التخلص منه وحاصله : ان الدليل المنسوخ له أربع دلالات التزامية لا دلالة واحدة ، وهي الدلالة على نفي الحرمة والدلالة على نفي الكراهة والدلالة على نفي الاستحباب والدلالة على نفي الإباحة ، فان ثبوت الوجوب يستلزم انتفاء الأحكام الأخرى طرا ، وبعد ورود الناسخ وانتفاء الوجوب أيضا بالدليل الناسخ يقع التعارض بين الدلالات الالتزامية الأربع إذ لا يمكن صدقها