واما الملاك الثبوتي فهو ان يكون متعلق المتعلق خارجا عن اختيار المكلف من قبيل الوقت والقبلة فانه إذا لم يؤخذ مثل ذلك مفروغا عنه وقيدا للحكم لزم من إطلاق الأمر لزوم تحصيله وهو تكليف بغير مقدور فقوله ( صل في الزوال ) ان لم يؤخذ الزوال قيدا لوجوب الصلاة كان معناه وجوب الصلاة في الزوال حتى قبل تحقق الزوال وهو غير مقدور للمكلف فلا بد من ان يؤخذ ذلك قيدا للحكم.
واما إذا لم يوجد شيء من الملاكين فلا موجب لأخذ متعلق المتعلق مفروض الوجود ، بل يكون التكليف مطلقا من ناحيته.
وفي المقام قيد الأمر الّذي يقع متعلقا للمتعلق من هذا القبيل أي لا يتم فيه شيء من الملاكين للتقييد. اما الملاك الإثباتي فواضح واما الثبوتي فلان الأمر وان كان غير اختياري للمكلف ولكنه حيث انه يوجد بنفس خطاب الأمر فلا موجب لتقييد الخطاب به ، وان شئت قلت : ان الملاك الثبوتي راجع بحسب الحقيقة إلى تقيد الخطاب بالقدرة والقدرة التي تشترط في التكليف كما تقدم في رد الوجه الثاني هي القدرة اللولائية الصادقة قبل تحقق الأمر وفعليته وعليه فلا يلزم ان يؤخذ الأمر قيدا وشرطا في المقام حتى يلزم التهافت أو الدور لا في عالم الجعل ولا في عالم المجعول (١).
والتحقيق هو استحالة أخذ قصد الأمر في متعلق نفسه لوجوه يمكن ان نجعل بعضها تتميما وتعميقا لبعض الوجوه المتقدمة.
الوجه الأول ـ ما يمكن ان يجعل تتميما أو تنقيحا لما أفاده المحقق النائيني ( قده ) بحيث يدفع إيراد السيد الأستاذ عليه وحاصله : ان وجود الأمر وحده لا يكفي في القدرة على قصد الأمر بل لا بد إضافة إلى ذلك من وصوله ولو بأدنى مراتب الوصول وهو الاحتمال إذ لولاه لما تأتى من المكلف قصد الأمر الا بنحو التشريع المحرم والقبيح ، ووصول الأمر أمر غير اختياري ـ ولو في بعض الحالات ـ ولا يكون مجرد ثبوت الأمر متكفلا لحصوله خصوصا وان الخطابات مجعولة على نهج القضايا الحقيقة فلا بد من أخذه قيدا في الأمر وشرطا مفروغا عنه ـ وهذا هو الملاك الثبوتي الّذي اعترف به السيد
__________________
(١) هامش المصدر السابق.