والإطلاق ، وهذا يعني استحالة الأمر بفعل من الأفعال لا مطلقا ولا مقيدا ولا مهملا من ناحية قصد القربة وهذا معناه ـ بعد فرض ثبوت أصل الأمر بالفعل ـ ارتفاع النقيضين وهو من أوضح المحالات مما يكشف عن خلل في إحدى المقدمات والمباني التي أدت إلى هذه النتيجة.
واما الصياغة الثالثة لتعدد الأمر بان يكون هناك جعل واحد ينحل إلى مجعولين أحدهما على ذات الاجزاء والشرائط والآخر على الإتيان بها مع قصد الأمر ويكون الأمر الثاني فعليته في طول الأمر الأول نظير حجية خبر الواسطة فهذا موقوف على ما تقدم فيما سبق من لزوم تعلق الأمر بعنوان من قبيل وجوب هذه الاجزاء والشرائط بما فيها قصد الأمر كلما أمكن شيء منهما ، وقد ذكرنا ان هذا خلاف واقع الأوامر العبادية الثابتة في الفقه ولا يفيد في إثبات أصالة التوصلية لما إذا تعلق أمر بفعل من الأفعال ، على أنه لا يسلم من الوجه الثالث والرابع من وجوه الاستحالة الأربعة ، وكأن المحقق العراقي انما عدل عن صياغة تعدد الجعل إلى وحدة الجعل لكون ذلك هو الأمر العرفي في الواجبات التعبدية.
النقطة الثالثة ـ ان تفسر العبادية بما يظهر من عبارة صاحب الكفاية ( قده ) من ان الأمر التوصلي والتعبدي كلاهما متعلقان بذات الفعل فمن حيث الأمر ومتعلق الوجوب لا فرق بينهما ، وانما الفرق بينهما في ان الأمر التوصلي يسقط بمجرد الإتيان بمتعلقه وهو ذات الفعل لتحقق الغرض منه بينما الأمر التعبدي لا يسقط الا بالإتيان بمتعلقه مع قصد القربة لأن الغرض منه لا يحصل الا بذلك ، وسقوط الأمر يتبع حصول الغرض لا مجرد الإتيان بمتعلقه (١).
وفيه : ان عدم سقوط الأمر بعد تحقيق متعلقه خارجا مستحيل فانه من طلب الحاصل فإذا تعلق الأمر بذات الطبيعة وقد حقق المكلف فردا منها كان بقاء شخص ذلك الطلب المتعلق بالجامع بين الفرد الواقع وغيره مستحيلا. لأن متعلقه حاصل فلا محالة لا بد من سقوطه ـ على الخلاف في معنى سقوط الأمر بالامتثال ـ واما بقاء طلب
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ١٠٧.