« الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته »
الجهة الثامنة ـ واما البحث عن ثبوت الملازمة بين الوجودين الشرعيين فتفصيل الكلام في ذلك أن يقال : قد تقدم في بعض الأبحاث السابقة ان للحكم مراحل ثلاث ، مرحلة الملاك ومرحلة الحب والإرادة ومرحلة الجعل والاعتبار.
اما بلحاظ المرحلة الأولى ، فلا ينبغي ان يتوهم الملازمة بين ذي المقدمة والمقدمة في الملاك ، إذ لو فرض ان وجود ملاك في شيء يستدعي وجوده في مقدماته أيضا لزم الخلف وانقلاب الواجب الغيري إلى نفسي.
واما بلحاظ مرحلة الاعتبار والجعل ، فالصحيح فيها عدم الملازمة بين اعتبار الوجوب النفسيّ واعتبار الوجوب الغيري ، إذ ان الملازمة بينهما اما ان يراد بها الملازمة بنحو الاستتباع القهري أو يراد بها ان اعتبار الوجوب النفسيّ يحقق داعيا في نفس المولى لجعل الوجوب على مقدماته وكلاهما غير موجود.
اما الملازمة بمعنى الاستتباع القهري فانها غير معقولة في باب الجعل والإنشاء ، لأن إنشاء الجعل والاعتبار فعل اختياري مباشري للجاعل فيكون مستتبعا لمبادئه من الاختيار والإرادة لا لفعل مباشري آخر إذ الفعل المباشري من الفاعل المختار لا يكون علة لفعل مباشري اخر منه ، فإنشاء الوجوب النفسيّ لا يعقل ان يستتبع قهرا إنشاء للوجوب الغيري.