فرد آخر من الطبيعة غير ما وقع فهو وان كان معقولا الا انه أمر آخر لا محالة ، لأن كل أمر يتقوم بشخص متعلقه فإذا تغير تغير الأمر لا محالة.
النقطة الرابعة ـ الوجه المختار في تفسير الواجب التعبدي وحاصله :
ان الغرض من الواجب التعبدي حيث انه يتوقف على الإتيان بالواجب بقصد الامتثال والقربة وحيث ان قصد القربة لا يمكن أخذه تحت الأمر وحيث ان الغرض هو سبب الأمر وعلة جعله فلا محالة يكون الأمر التعبدي كالتوصلي متعلقا بذات الفعل الا أنه كلما جاء المكلف بالفعل من دون قصد الأمر سقط شخص ذلك الأمر ـ لاستحالة بقائه بعد حصول متعلقه ـ وتولد امر جديد متعلق بفرد آخر من ذات الفعل لأن الغرض الّذي دعى المولى إلى جعل الأمر الأول لا يزال باقيا. وهذا بخلاف الأمر التوصلي فالفرق بين التعبدي والتوصلي بالدقة ليس بالتقييد والإطلاق من ناحية قصد القربة بل بالتجدد وتولد امر آخر كلما لم يأت المكلف بقصد القربة الدخيل في تحقيق غرض المولى.
وهذا التفسير يشترك مع التفسير السابق في ان الأمر التعبدي والتوصلي لا يختلفان في المتعلق بل في ما يحقق الغرض من كل منهما ولكن يختلف عنه في ان ذلك التفسير كان يفترض فيه بقاء شخص الأمر المتعلق بذات الفعل بينما في هذا التفسير يفترض سقوطه بشخصه وبقاؤه بنوعه ضمن شخص آخر من الأمر متعلق بغير الفرد المأتي به. ويشترك مع التفسير الثاني في المصير إلى تعدد الأمر وتجدده كلما لم يأت المكلف بالفعل مع قصد الأمر وان كان يختلف عنه في ان الأمر الثاني يتجدد بعد سقوط الأول ويتعلق كالأول بذات الفعل لا بقصد الأمر.
فان قلت ـ لا يعقل الأمر بذات الفعل لأن المفروض عدم وفائه بتحقيق الغرض فليس ذات الفعل هو المحبوب ، والأمر لا بد وان يتعلق بما هو المحبوب.
قلنا ـ تعلق الأمر بما هو المحبوب لأجل ان يكون محركا نحوه وهذا غاية ما يقتضيه أنه لا بد ان يكون الأمر متعلقا بما هو المحبوب في فرض محركيته نحو ما تعلق به وهذا حاصل في المقام لأنه في فرض محركية هذا الأمر للمكلف نحو ما تعلق به يكون الجزء الآخر للغرض وللمحبوب متحققا أيضا ، إذ ليس المراد بقصد القربة الا محركية الأمر.