وانما الصحيح في المنع عن هذا الإطلاق مطلقا أو في الجملة التوجه إلى نكتة أخرى وحاصلها : انه لا إشكال في أخذ نسبة المبدأ إلى الفاعل ( النسبة الصدورية ) تحت الأمر أيضا لأن الأمر أعني النسبة الإرسالية الإنشائية انما تطرأ على النسبة الفعلية الصدورية ومن الواضح انه مع تحقق الفعل من الغير من دون أي استناد وتسبيب للمكلف لا تصدق النسبة الفعلية المأخوذة في متعلق الأمر فيكون مقتضى الأصل حيث لا قرينة على الخلاف عدم السقوط. وهكذا يتضح انه بالنسبة إلى أصل استناد الفعل إلى المكلف مقتضى الأصل التعبدية بالمعنى الأول.
واما خصوصية المباشرة وعدم الاكتفاء بفعل الغير المستند والمتسبب إليه من قبل المكلف ففيه تفصيل بين ما إذا كانت النسبة الفعلية صدورية فقط كما في مثل ( أزل النجاسة أو ابن مسجدا ) فالأصل هو التوصلية وبين ما إذا أخذ فيها إضافة إلى ذلك نسبة الحلول فيه ـ نسبة العرض إلى محله ـ كما في مثل ( صل أو اشرب الماء ) فالأصل التعبدية لأن خصوصية المباشرة لا تصدق حتى مع التسبيب إلى صدور الفعل من الغير.
المقام الثاني ـ في تشخيص مقتضى الأصل العملي في هذه المسألة. والمعروف من قبل المحققين انه الاحتياط اما بتقريب : أنه من الشك في السقوط بعد اليقين باشتغال الذّمّة المستدعي لليقين بالفراغ أو باعتبار التمسك باستصحاب بقاء الوجوب وعدم سقوطه بفعل الغير.
والتحقيق : ان الشك تارة يكون شكا في السقوط بفعل الغير بمعنى احتمال كونه مصداقا للواجب بناء على ما تقدم من معقولية تعلق التكليف بالجامع بين فعله وفعل غيره خصوصا التسببي منه فيكون مرجع الشك في المقام إلى الشك في سعة وضيق دائرة الواجب ومتعلق الوجوب وانه الحصة المباشرة أو الأعم منها ومن فعل الغير. وأخرى يكون الشك في تقييد الوجوب ـ الّذي هو مفاد الهيئة ـ بما إذا لم يأت به الغير مع العلم بان الواجب ـ الّذي هو مفاد المادة ـ خصوص الفعل المباشري.
اما في الفرض الأول من الشك الّذي يكون الشك فيه في الواجب لا في الوجوب