وعلى هذا الأساس يكون المدلول التصوري للجملة الخبرية محفوظا أيضا دون المدلول التصديقي.
وأقرب هذه النكات ما لم تكن قرينة معينة لإحداها ـ النكتة الأولى لأنها تتحفظ على أصل ظهور الجملة الخبرية في الاخبار وتقيد إطلاق المخبر عنه وكلما دار الأمر بين رفع اليد عن أصل ظهور الجملة أو تقييد موضوعها قدم الثاني على الأول ما لم تكن القرينة بنفسها مشخصة لنكتة العناية.
المسلك الثاني ـ ما ذهب إليه الأستاذ من ان الجملة الخبرية في مقام الطلب والإنشاء يختلف معناها المستعمل فيه وذلك بناء على مختاره في باب الوضع من ربط الألفاظ في علاقاتها الوضعيّة بالمداليل التصديقية ابتداء. وقد استشهد على تعدد المعنى المستعمل فيه للجملة الخبرية وعدم انحفاظ معناها الخبري في موارد الإنشاء بأنه لو كان يمكن ذلك لصح استعمال اية جملة خبرية في مقام الإنشاء حتى الاسمية فلا يقال « انه معيد صلاته » بل ولا الفعل الماضي الا إذا كان جزاء لجملة شرطية كما في مثال ( إذا قهقه أعاد صلاته ) بينما الفعل المضارع يستعمل غالبا في مقام الإنشاء فيقال يعيد أو يسجد سجدتي السهو ونحو ذلك (١).
أقول : أصل المبنى. قد تقدم البحث فيه مفصلا فلا نعيد.
وأما الشاهد الّذي استند إليه فلا ينبغي الإشكال في استعمال فعل الماضي في الطلب من دون سياق الشرط أيضا كما في قولك ( غفر الله لك أو رحمك الله أو عافاك الله ) نعم لا إشكال في عدم اطراده في مقام الطلب فلا يقال صليت أو صمت بل يقال تصلي وتصوم والسر في ذلك ان الطلب الحقيقي لا يناسب فعل الماضي الّذي يدل على الفراغ عن تحقق الفعل ومضيه بخلاف الدعاء نعم إذا ما قلب الماضي إلى المضارع بإيقاعه في سياق الشرط أصبح مناسبا مع مقام الطلب الحقيقي. وكالماضي الجملة الاسمية من حيث النكتة التي أشرنا إليها (٢).
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ١٣٦ ـ ١٣٧.
(٢) وبهذا يظهر أن هذا الشاهد أدل على عكس مدعي الأستاذ فانه إذا كان المعنى غير محفوظ في موارد الإنشاء بل هناك معنى جديد رأسا فلما ذا لا تستعمل الجمل الخبرية الأخرى غير المضارع في موارد الإنشاء طالما ان المستعمل فيه معنى جديد لا ربط له بالمعنى الأول فهذا بنفسه شاهد على انحفاظ المعنى الموضوع له للجملة الخبرية في مقام الإنشاء أيضا ولهذا إذا كان ذلك المعنى مشتملا على شيء لا يناسب مقام الإنشاء والطلب لم يصح استعمال تلك الجملة وهذا واضح.