في خارج الوقت ـ ولو بمرتبة أخرى ـ بناء على تصوير المراتب في الوجوب بلحاظ المعتبر وإن لم يكن معقولا بلحاظ الاعتبار ، وذلك لأن مفاد الخطاب ليس إلا جعل وجوب واحد ولا يتكفل إطلاقا لإثبات تمام مراتب الوجوب على الواجب كي يبقى الإطلاق بلحاظ بعضها ، ولهذا لا يستظهر من دليل إيجاب شيء انه واجب بالمرتبة العالية الشديدة والمفروض تقييد دليل التوقيت لهذا المدلول الواحد فلا إطلاق كي يتمسك به في خارج الوقت.
واما التقريب الّذي يخرج على أساسه الاحتمال الثالث فبأن يقال : ان دليل التوقيت إذا افترضناه لا إطلاق له وان قدره المتيقن من التقييد انما هو تقييد الواجب بقيد الوقت في صورة الإمكان والقدرة لا مطلقا الّذي معناه عدم ركنية القيد فلا بأس بالتمسك بإطلاق أصل الواجب لما بعد الوقت الّذي هو حالة عدم التمكن من القيد ، فيكون من قبيل ما إذا كان دليل التقييد مقيدا للواجب بالنسبة إلى بعض أفراد المكلفين كما ورد الأمر بالجهر في غير صلاة الظهرين مثلا بالنسبة للرجال وفي حال التمكن خاصة دون النساء ولا في حال الغفلة أو العذر ، فيبقى إطلاق دليل أصل الواجب بالنسبة إلى سائر الحالات تاما يتمسك به لنفي القيود المحتملة ، فكما صح في مثل ذلك التمسك بالإطلاق كذلك يصح التمسك به في المقام إذا افترضنا ان دليل التقييد بالوقت كان منفصلا وكان القدر المتيقن من التقييد بالوقت المستفاد منه حالة التمكن خاصة أي حال كون المكلف في الوقت لا مطلقا. وقد ارتضى السيد الأستاذ هذا التقريب إذا توفرت الشرائط المذكورة له (١).
والصحيح عدم تماميته أيضا كسابقه والوجه فيه هو ما أشرنا إليه من ان الأمر لا يتضمن الإطلاق بلحاظ الوجوب الّذي يجعله وانما يتضمن إثبات وجوب واحد بلحاظ المتعلق يتعلق بصرف وجود الطبيعة ولا يثبت وجوبا للطبيعة في حال القدرة على القيد ووجوبا آخر للطبيعة في حال العجز عنه ، فالأمر بلحاظ متعلقه لا ينحل إلى وجوبات عديدة بل هناك وجوب واحد متعلق بالطبيعة بنحو صرف الوجود وقد فرض
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٤ ، ص ٦٤ ـ ٦٧.