وقد أشكل على هذه النظرية السيد الأستاذ بعدة اعتراضات : (١)

الأول ـ إن هذا يستلزم وجود وجوبين مستقلين لكل من العدلين وهذا خلاف ظاهر الدليل.

وهذا الاعتراض يدفعه ما تقدم في النظرية السابقة حيث كان قد أورد عليها الأستاذ بنفس هذا الاعتراض وحاصله : انه لم يظهر من كلام صاحب النظرية أكثر من تصوير فرضية معقولة للوجوب التخييري ثبوتا ، واما استفادته إثباتا فيمكن ان يفترض ذلك في موارد تعدد الخطاب بالنحو المتقدم. نعم لو فرض عدم معقولية أي فرضية أخرى في تصوير الواجب التخييري لتعين حمل الخطاب الواحد أيضا عليه ولا يبقى مجال للإشكال الإثباتي بأنه خلاف ظاهر الدليل.

الثاني ـ انه موقوف على استفادة وجود ملاكين تعيينيين في كل من الواجبين ولا طريق لنا إلى إثبات الملاك غير الخطاب والمفروض ظهوره في وحدة الحكم لا تعدده.

وهذا الاعتراض أيضا راجع إلى الأول ، حيث يعتمد على ان الظاهر من الدليل بحسب عالم الإثبات وحدة الجعل لا تعدده ، واما إذا افترضنا استفادة تعدده بالصيغة المتقدمة فلا مجال له بل يتعين الكشف عن تعدد الملاك لتعدد الجعل.

الثالث ـ انه موقوف على استفادة وجود مصلحة التسهيل في حق المكلفين واستفادته من الدليل أيضا خلاف الظاهر إذ لا مثبت له ولا قرينة عليه.

وهذا الاعتراض أيضا راجع إلى الأول ومعتمد عليه ، إذ لو فرض استفادة تعدد الوجوب فلا محالة يدل الدليل على وجود ترخيص في ترك كل واحد منهما إلى البدل لأن أصل الدلالة على عدم لزوم الجمع بينهما مفروغ عنه وانما الكلام في كيفية تخريجه ثبوتا.

الرابع ـ ان الوجوب لا يسقط إلا بالامتثال أو العصيان أو ارتفاع الموضوع وفي المقام لا بد وأن يفترض على تقدير تعدد الوجوب ان فعل كل منهما رافع لموضوع الآخر

__________________

(١) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٤ ، ص ٣٣.

۴۴۲۱